Express Radio Le programme encours
قالت رئيسة نقابة القضاة التونسيين، أميرة العمري “إن الأوضاع المتردية التي يعمل فيها القضاة والضغوط التي تمارس عليهم والتطاول والتهميش الذي يعيشونه، كلها عوامل جعلتهم في حالة استياء كبير”، مضيفة قولها: “يمكن أن نصل إلى حد اتخاذ قرار بالإضراب وتعليق العمل وإلى استقالة جماعية، حتى تستفيق الدولة وتتحمل مسؤوليتها في دعم الاستقلال الفعلي للسلطة القضائية”.
وشددت العمري خلال ندوة صحفية لنقابة القضاة، اليوم الأربعاء بقصر العدالة بالعاصمة، على أن استقلال القضاء “لا يمكن أن يتحقق متى تم انتهاك كرامة القضاة والتطاول عليهم، على خلفية قراراتهم وأحكامهم القضائية التي تبقى محل طعن من خلال الوسائل المتاحة قانونا”، مؤكدة أن “الضغط على القضاء ومحاولة توجيهه وتطويعه طبقا للمصالح الخاصة ووفقا للنزعات القطاعية، لا يمس فقط من اعتبار القضاة واستقلاليتهم، بل ينال أيضا من حقوق الدفاع المتعلقة بطرف دون آخر”.
وبخصوص “الواقعة” التي جدت بالمحكمة الابتدائية ببن عروس، أوضحت رئيسة النقابة، أن قاضي التحقيق قد تعهّد بها، على أنها موضوع خلافات شخصية بين طرفين، لذلك تم استبعاد مرسوم المحاماة، مشيرة إلى أنه وفق تقرير قاضي التحقيق فإن “الأمنيين كانوا موجودين أمام المحكمة بالزي المدني والرسمي بكثافة”، وهو ما اعتبرته النقيبة “ضغطا على القاضي”.
وذكرت في هذا الصدد أن قاضي التحقيق قال في تقريره “إن المحامين قد حضروا بكثافة داخل قاعة الجلسات وكانوا في حالة هيجان وقاموا باقتحام مكتبي عنوة، دون استئذان ووصل بهم الأمر إلى التهديد والهرسلة والتطاول على القضاء وشتمه بأبشع النعوت”، كما تم الاعتداء لفضيا على الملحقة القضائية، مضيفة قولها: “يريدون عدالة على المقاس ولسنا اليوم في صراع بين القضاة والمحامين، كما يريدون التسويق له، بل نحن شركاء في العدالة وهي شراكة تستوجب الاحترام”.
وكان عدد من الأمنيين من مختلف الأسلاك تجمعوا، يوم السبت الماضي، بأعداد كبيرة خارج المحكمة الابتدائية ببن عروس، في الوقت الذي رابطت فيه أعداد كبيرة من المحامين بالفضاء الداخلي للمحكمة، وهو ما اعتبره عدد من الملاحظين ضغطا من الجانبين على سير القضاء، رغم أنه لم تحصل أية تجاوزات تذكر من الجانبين.
وتعود أطوار القضية إلى شهر أوت المنقضي، حين اتصلت المحامية نسرين القرناح بفرع المحامين بتونس، لإعلامه بتعرضها للاعتداء بالعنف من قبل رئيس مركز المروج الخامس ومعاونه أثناء تنقلها صحبة موكلها إلى المركز المذكور لتقديم إعلام نيابة في حقه وسماعه كمتضرر، إلاّ أنّ سجالا قانونيا بينها وبين رئيس المركز تطوّر إلى “الاعتداء” عليها وافتكاك بطاقتها المهنية، وفق روايتها.
أما بالنسبة إلى ما أسمتها “واقعة صفاقس”، فقد اعتبرت أميرة العمري أن “الفيديو المنشور في وسائل التواصل الإجتماعي وما تضمنه من ألفاظ استعملها الأمنيون في حق القضاة، لا يليق بالمؤسسة الأمنية”، مشيرة إلى أن وكيل الجمهورية في المحكمة الابتدائية بصفاقس، أعلم النقابة بأنه قد تم فتح تحقيق في الواقعة.
يُذكر أن النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بصفاقس أذنت بتاريخ 12 أكتوبر 2020، للفرقة المركزية للحرس الوطني بالعوينة، بمباشرة بحث عدلي في “واقعة تجمّع أمنيين”، أمام هذه المحكمة يوم 9 أكتوبر الجاري وفي “ما تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي من تسجيل تضمن رفع شعارات ماسة بحرمة القضاة”، وفق ما أفاد به، اليوم الأربعاء، مراد التركي، الناطق الرسمي باسم محاكم صفاقس والمساعد الأول للوكيل العام بمحكمة الاستئناف بها القاضي.
وكان عدد من النقابيين الأمنيين، نفذوا وقفة احتجاجية أمام مقر المحكمة الابتدائية بصفاقس، يوم الجمعة الفارط، على خلفية استنطاق رئيس مركز الأمن الوطني بالمروج الخامس في اليوم ذاته، من قبل قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية في بن عروس، على إثر الاعتداء على المحامية نسرين القرناح بذلك المركز الأمني في أوت 2020.
وفي هذا الشأن، ذكرت نقيبة القضاة أنه “في كل واقعة ومشكل يتم اتهام القضاء بالتقصير ولم نر أي طرف في السلطة يندد بهذه الاتهامات”، مشددة على أنه “لا يوجد أي طرف فوق المحاسبة والقانون، حتى القضاة وأن من يثبت تقصيره أو مخالفته للقانون يحاسب، لكن لا بد بالتوازي مع ذلك، توفير الظروف اللائقة والآمنة في المحاكم والتي تضمن حسن سير المرفق العدالة وترقى به إلى أدنى المستويات الضامنة لاستقلال القضاء وهيبته، مما يمكن كافة الأطراف المتداخلة في القضاء من أداء المهام الموكولة إليهم على أكمل وجه”.
وأضافت أن الوضع المتردي للقضاء التونسي، “هو السبب المباشر لكل الإشكاليات التي يمر بها مرفق العدالة وأن القضاة يعانون الأمرين، بسبب هذا الوضع”، مشيرة إلى وجود “سياسة ممنهجة لإضعاف القضاء” وهو ما يسهّل، حسب تقديرها، “السيطرة عليه، خاصة في ظل تعطيل تركيز محكمة دستورية في تونس وقع تغييبها”.
ولاحظت أن المحاكم في تونس تفتقر إلى أبسط مقومات العمل ولا تتوفر فيها أبسط الوسائل، مثل الأوراق والمكاتب وغيرها، مبيّنة في هذا الصدد أن القضاة “يجمعون المساعدات لتوفير وسائل التنظيف والتعقيم، في ظل جائحة كورونا وأن قضاة النيابة والتحقيق الذين تتم إهانتهم والتطاول عليهم، لم يتم تمكينهم من منحة الاستمرار التي توقفت منذ ثلاث سنوات، في غياب توقيع المسؤولين”.
وذكرت على سبيل المثال أن منحة الإنتاج للقضاة التي يتمتع بها القضاة، كل ثلاثية، تقدر فقط ب 140 دينارا، قائلة إن الدولة تتحمل كافة المسؤولية في تردي الوضع في سلك القضاء ومعتبرة أن الصمت والامتناع عن الإصلاح “تواطؤ”.
كما طالبت العمري بالإسراع في سن قانون أساسي للقضاة، يكون منسجما مع المعايير الدولية المتعارف عليها لاستقلال السلطة القضائية وشاملا، لا فقط لموجبات القضاة والتزاماتهم المهنية الموكولة إليهم، بل أيضا لحقوقهم الضامنة لكرامتهم واستقلاليتهم وكذلك الضامنة لحقوق المتقاضين ولقيم الحق والعدالة.
ولفتت في هذا الصدد إلى أن “منح حق المبادرة التشريعية لسلطة تشريعية وتنفيذية وإنكارها على السلطة القضائية، هو تجزئة لمبادئ ستظل مبتورة على أرض الواقع”، مشيرة إلى أن النقابة وجهت مطالب عدة في هذا الشأن لرئاسات الحكومة والجمهورية ومجلس النواب.
Written by: Islam