Express Radio Le programme encours
واستعرض الإتحاد العام التونسي للشغل، من خلال مذكرة صادرة عن قسم الدراسات والتوثيق بالمنظمة الشغيلة، قراءته لمشروع قانون المالية للعام المقبل، متقدما بجملة من التوصيات والاقتراحات في هذا الشأن.
وقد انطلقت يوم 10 نوفمبر الحالي مداولات مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والاقاليم لمناقشة مهمات الوزارات ضمن مشروع ميزانية الدولة ومشروع الميزان الإقتصادي للعام المقبل، في جلسات عامة مشتركة تتواصل إلى غاية يوم 20 نوفمبر في انتظار الشروع في النقاش العام حول فصول مشروع قانون المالية لسنة 2025.
ولاحظ الإتحاد أن مشروع قانون المالية “بدا مرتجلا ومستنسخا من سابقيه من حيث تغليب المنطق المحاسباتي الصّرف وغياب الشّفافية والتّشاركية وعدم واقعية فرضيات الاقتصاد الكلّي ومواصلة سياسة التّقشّف والضّغط الجبائي وعدم الوضوح بخصوص تعبئة الموارد الخارجية”، وفق ما جاء في هذه المذكرة.
وأشار إلى أن “مشروع قانون الماليّة 2025 يتنزّل في ظرف متأزّم مازال فيه الاقتصاد يعاني من ظاهرة الرّكود التضخمي وتبعاته الوخيمة على الطبقات الفقيرة والمتوسطة”.
انخفاض القيمة الحقيقية للدّعم
ومن جانب آخر انتقدت المنظمة الشغيلة انخفاض القيمة الحقيقية للدعم مبررة ذلك بانه “لم يرتفع سوى بنسبة 2,3 بالمائة مقارنة بسنة 2024 (من 11337 إلى 11592 مليون دينار) وهي نسبة دون التّطوّر السّنوي للاستهلاك الأسري للمواد المدعّمة المقدّر ب 5 بالمائة”.
كما أنّ ميزانية دعم المواد الأساسية لسنة 2025 افترضت سعرا مرجعيا لطنّ القمح مقدّر بـ281 دولارا مقابل 265 دولارا في سنة 2024 بما يعني آليّا، وفق رأيها، انخفاضا في الكميات المورّدة على اعتبار الارتفاع المتوقّع للأسعار، وهذا ما يرجّح بشكل كبير تواصل النّقص في تزويد السّوق من المواد المدعمة المشتقّة من الحبوب خلال السّنة المقبلة.
اللّجوء إلى الاقتراض الداخلي
وفي مستوى آخر أبرزت المذكرة ان اتحاد الشغل يعتبر الاعتماد “الكبير” على موارد الاقتراض الداخلي من السّمات الأساسية لمشروع قانون المالية لسنة 2025 وهو ما يمثّل، من وجهة نظر المركزية النقابية، نقطة تحوّل بارزة في سياسة التّداين والاقتراض المعتمدة.
وأردفت بالتوضيح أن “هذا التغيير الجذري في هيكلة التّداين من شأنه أن يولّد ضغوطا حادّة على البنك المركزي في اتّجاه استعمال مخزونه من العملة الصعبة لخدمة الدّين الخارجي المقدّر ب10 مليار دينار في سنة “2025، كما أنّ المساعي الحالية لتنقيح القانون الأساسي لسنة 2016 المتعلّق بالبنك المركزي من شأنها أن “تزيد في تبعية البنك إلى السّلطة التنفيذية عبر منحه إمكانية التّمويل المباشر لميزانية الدولة من مداخيل التّصدير والتّحويلات من الخارج من العملة الصعبة دون مقابل بالدينار التونسي”.
ويرجح الاتحاد أن تبلغ هذه التّسهيلات في 2025 “مستوى مشطّا يقدربـ 7840 مليون دينار من السيولة المحدثة التي لا يقابلها خلق فعلي للثّروة وهو ما سينعكس حتما على مستويات التّضخم ومزيد تدهور قيمة الدينار”، وفق نص المذكرة.
مقترحات وتوصيات
وبناء على قراءته النّقدية لمشروع قانون المالية يطالب اتحاد الشغل بضرورة تعديل الفصل 31 المتعلّق بمراجعة السّلم الضريبي على الأجراء و”بداية التّفكير في استبدال الأجر الأدنى المضمون بالأجر المعيشي لضمان الحدّ الأدنى من كرامة العمّال وعائلاتهم”.
وأكد على تنقيح الفصل 32 المتعلّق بالضّريبة على الشّركات وذلك بالاعتماد على شرائح الأرباح كقاعدة لاحتساب الضّريبة ولا على رقم المعاملات الى جانب التّحكّم في مستويات الاقتراض الداخلي التّي “شهدت ارتفاعا غير مسبوق خلال السّنتين الماضيتين بما يستنزف السّيولة من القطاع المالي ويساهم في تزايد الضّغوطات التّضخمية”.
وطالب في هذا الصّدد بإقرار “إستراتيجية أكثر عقلانية للتّداين العمومي بما يضمن أكثر توازنا بين موارد الاقتراض الدّاخلي والخارجي وبما يحفظ مخزون العملة الصعبة لدى البنك المركزي”.
كما اقترحت المذكرة إعادة النّظر في طريقة تمويل الصّناديق الاجتماعية والبحث عن موارد أخرى لرفع العجز، مشيرة الى ان اتّحاد الشّغل تقدم بعديد المقترحات في هذا المجال بغاية التّوصّل الى حلول تساعد على التّعجيل في الخروج من هذه الوضعية وعلى اعتبار أنّ شريحة كبيرة من المتقاعدين يتقاضون جراية دون الأجر الأدنى المضمون.
وللغرض يقترح الاتحاد “التّرفيع في جرايات المتقاعدين إلى حدود الأجر الأدنى المضمون تفاديا للحيف الاجتماعي ولمزيد تكريس مبدأ التّماسك والتّضامن الاجتماعية”.
كما طالب اتحاد الشغل بالإسراع في “تسوية وضعيات النّواب في قطاع التّعليم والمتعاقدين وعمّال الحضائر بتوفير التّمويلات اللازمة والقضاء على كل أشكال العمل الهشّ نهائيا مع إرساء مقاييس شفّافة وموضوعية لخدمات الإسناد والمساعدات الاجتماعية التي تقدّمها الدولة للفئات الفقيرة ولذوي الاحتياجات الخصوصية وذلك باعتماد سجلّ وطني للفقر والنّأي بهذه التّحويلات الاجتماعية عن صبغتها الموسمية وتوظيفها في غير مسارها”.
ومن جانب اخر ترى المنظمة الشغيلة انه من المهم مراجعة التّرسانة التّشريعية التي أصبحت “مثقلة ومكبّلة للاستثمار”، حسب توصيفها، بما يحدّ من مساهمة القطاع الخاص في التّشغيل وبعث مواطن الشّغل في ظلّ انحسار دور القطاع العام وعدم اعتماد إستراتيجية وطنية للتّشغيل شاملة تبني لسياسة تشغيل واضحة وتقطع مع آليات السّياسة النّشيطة للتّشغيل المعتمدة منذ سنوات.
ومن ضمن المطالب مراجعة منظومة الدّعم التي “أصبحت تثقل كاهل الميزانية والمجموعة الوطنية دون أن توفّر شروط الحدّ من تداعيات الأزمات المالية” والحفاظ على نسيج مجتمعي متوازن ومتماسك يتماشى مع خصوصية المجتمع التونسي وتركيبة شرائحه المعتمدة أساسا على الطّبقة الوسطى والعدالة في الدّخل، وذلك في إطار سياسية اجتماعية عادلة وقائمة على السّلم الاجتماعية والاستقرار الداخلي في علاقة بالمحيط الدولي.
وخلص اتحاد الشغل بالدعوة إلى القطع النهائي مع النّظام الجبائي الجزافي/التّقديري والتّسريع برقمنة الإدارة الجبائية ومحاربة الغشّ والتّهرب الجبائيين والفساد بكل أشكاله واعتماد الإجراءات اللازمة لضمان الانتقال من الاقتصاد غير المنظّم إلى الاقتصاد المنظّم ودعم التّشغيل ومساندة الشّركات الصّغرى والمتوسّطة والنّاشئة علاوة على الحفاظ على المقدرة الشرائية للعمّال وإصلاح منظومتي مسالك التّوزيع والإنتاج الفلاحي وحماية البيئة وتحسين جودة الحياة.
وات
Written by: Rim Hasnaoui