الاقتصاد

خبيرة أممية في التنمية الفلاجية: “لا توجد سياسة فلاحة حقيقية في تونس”

today04/07/2019 2

Background
share close

ثلاثة أسئلة لريم بن زيد، الخبيرة في التنمية الفلاحية لدى منظمة الامم المتحدة:

كيف تقيمون صحة القطاع الفلاحي؟

القول بأنّ القطاع الفلاحي التّونسي ليس بخير هو تخفيف من حدة المشكل، والدليل على ذلك التحركات الاحتجاجية الأخيرة للفلاحين الذين اثاروا جملة من التحديات والرهانات المحورية لمستقبل القطاع الفلاحي (تنظيم القطاعات ونظام اسعار المواد الاستراتيجية مثل القمح والالبان واللحوم وسعر مدخول المنتوجات الفلاحية والنفاذ الى العقار وكلفة الموارد المائية…).

بيد أنّه يوجد خطأ فادح في مقاربة التّحاليل الاقتصادية المنتهجة لأنّ القطاعات ذات الاسس غير المادية قد تقدمت على القطاعات ذات الاساس المادي مثل الفلاحة. فثروات الامم لا تخلق إلا انطلاقا من أساس مادي منظم ومثمن. لا وجود لقطاع مالي أو قطاع بنكي، او صناعة او خدمات اذا لم يتم خلق ثروة اولية تمر حتما عبر الانتاج الفلاحي.

* هل توجد برأيكم سياسة فلاحية حقيقية في تونس؟

العديد من الاستراتيجيات توصي بوضع تدخلات في قطاعات فلاحية فرعية، لكن لا توجد سياسة فلاحية حقيقية مندمجة تقوم بتشخيص للصعوبات في القطاع الفلاحي، وتضبط الاولويات والتدخلات التي يتعين اقرارها على المدى القصير والمتوسط والبعيد. ويطرح غياب سياسة فلاحية والحوكمة والتصرف في القطاع جملة من الاشكاليات.

لقد اتسم التصرف في القطاع الفلاحي على الدوام بتصرف منفرد في القطاعات الفرعية (انتاج فلاحي وانتاج حيواني وموارد مائية….) وهو ما أدّى الى حالة من التقوقع لمختلف الانشطة الفلاحية وغياب لتنظيم تراتبي للضغوطات. ويؤدي ذلك غالبا الى اتخاذ قرارات متضاربة او عدم اتخاذ قرارات، بما لا يخدم نمو القطاع ولا مصلحة الفاعلين فيه.

كما ان قلة التنسيق بين الوزارات واهمها الفلاحة والتجارة واملاك الدولة، اثرت سلبا على القطاع الفلاحي. لقد عكفت تونس على تطوير منظومة الالبان منذ سنة 1990، وهو ما ساهم في بلوغ الاكتفاء الذاتي وحتى التصدير: وأفضى عدم التنسيق بين وزارتي التجارة والفلاحة الى زعزعة مكتسبات تحققت على مدى ثلاثة عقود. يوجد، ايضا، مخزون من الاراضي الدولية غير المستغلة والتي يتيح استغلالها ومنحها على وجه الكراء لفترات طويلة تثبيت الشباب واحداث مواطن العمل وخلق ديناميكية للتنمية المحلية.

* كيف يجب ان تكون السياسة الفلاحية وفق رأيكم؟ هل يتعين تفضيل انشطة على حساب اخرى؟

يتعين قبل كل شيء وضع شروط حياة كريمة ومحفزة تدفع المنتجين/النساء والشباب، إلى البقاء بالوسط الريفي ومواصلة العمل في القطاع الفلاحي وفي المناطق الريفية وقبول مواصلة العمل في سبيل الوطن.

يجب ان تضع السياسة الفلاحية كهدف لها ترشيد استعمال الموارد الطبيعية والبشرية والمالية بهدف ضمان مستوى يؤمن السيادة الغذائية للبلاد ولكن، يخدم، كذلك، مصلحة مختلف الفاعلين المتدخلين في القطاع علاوة على تأمين ظروف ملائمة لإرساء نشاط مستدام وقادر على توفيرمواطن الشغل.

ويتعين ان ترتكز رؤية تنمية القطاع الفلاحي على ضبط الاولويات القطاعية التي تحدد اداء القطاع ومستقبله. ويتعلق الامر بتنظيم الاولويات ورفع التحديات التي تواجه الانشطة الفرعية للتصرف في الموارد المائية في خضم التغيرات المناخية وقطاعات الالبان واللحوم او الزراعات السقوية والاشجار المثمرة والزراعات الكبرى والتزويد بالمدخلات الفلاحية والتزويد بالاغذية الحيوانية. ويتمثل الهدف المنشود في حماية راس المال الحيواني والطبيعي وسبل استمرار عدد من الفاعلين الناشطين في مختلف المجالات بشكل عادل ومتوازن.

ويتطلب دفع نمو القطاع الفلاحي اصلاح منظومة التمويل من خلال تطوير منتوجات مالية مناسبة مع مختلف الانشطة الفلاحية واسدائها عبر بنوك او مؤسسات التمويل الصغير في كل انحاء البلاد في شكل خدمات قريبة من الفلاحين.

كما يستدعي الأمر وضع نظام تسعير ملائم وتحديد درجة التزام الدولة في حماية مختلف الانشطة الاستراتيجية.

ويبقى تطوير مختلف القطاعات الفلاحين رهين عنصرين اساسيين، اولهما هيكلة منظمات المنتجين بشكل تصاعدي انطلاقا من المنظمات القاعدية وصولا الى المنظمات الجهوية والوطنية. فوجود منظمات منتجين قوية يؤمن لها سلطة التفاوض من اجل حماية مصالح منظوريها صلب المنظومة ومع مختلف الاطراف المتدخلة فيها. ولا يمكن بلوغ مثل هذه الهيكلة سوى في حال يرى المنتجون مصلحة لهم في الانخراط ويدركون ان الخدمات المقترحة تستجيب لاحتياجاتهم.

ويمثل احداث قاعدة تدمج كل الفاعلين المنخرطين في القطاع امرا ضروريا، من اجل القيام باستشارات منتظمة حول الاسعار عند الانتاج والاسعار عند التسويق وحول الضغوط المسلطة على مستوى كل نشاط .

ويتجلى استراتيجيا انه يتعين تحديد جملة من المراحل على المدى القصير، وهي تتعلق بالتدخلات العاجلة مثل إعادة وضع نظام تسعير محفز وقادر على استقطاب المنتجين في مجال الالبان او من خلال رفع العوائق أمام تسويق الغلال والخضر وصيانة شبكات الري في المساحات السقوية.

ويتوجب على المدى المتوسط ترشيد استغلال الموارد الطبيعية ومراجعة منظومات استغلال المياه وتنظيمها في المساحات الموجودة، بعد، من اجل تحقيق نجاعة افضل.

أمّا على المدى البعيد فإن الامر يتعلق بمزيد دعم النفاذ الى العقار وفتح ملف الحق في العقار والموارد الطبيعية على غرار النفاذ القانوني للعقار اي عبر رسوم عقارية، وهو شرط لا محيد عنه لتطوير الفلاحة لانه يؤمن النفاذ الى القرض محرك الاستثمار في القطاع الفلاحي.

وات

Written by: Asma Mouaddeb



0%