Express Radio Le programme encours
هذا النمو يثير نوعا من الاستغراب لأن أهم العوامل الدافعة له، إما في حالة توقف تام كالإستثمار أو تتم ببطء شديد كالصادرات.
وعلى الرغم من حجمه إلا أن هذا النمو لم يسمح للدولة التونسية باستعادة ناتجها المحلي الاجمالي الثلاثي من سنة 2019، كما لم يمّكن المواطن التونسي أيضا من الرجوع إلى مستوى المقدرة الشرائية التي كان عليها قبل 10 سنوات.
هذا ويوضح “النمو حسب الطلب، مرض الدين العمومي الذي أصاب البلاد”، ويظهر أن النمو عن طريق الاستثمار فقط هو الذي يخلق الوظائف وليس النمو عن طريق الاستهلاك.
في الواقع، “كيف يمكننا أن نفسر، أنه على الرغم من ارتفاع الأسعار بأكثر من 10%، فإن مستوى الدخل ارتفع بسرعة، حيث كان متوسط الأجور في القطاع الخاص غير الفلاحي، يرتفع بمعدل أقل من 5% منذ سنة 2019، ولا يتجاوز إعادة تقييم أجور القطاع العام 6.5%، والأمر الأكثر استغرابا، هو أن التونسيين لم يقللوا من مشترياتهم ولم يغيروا من عاداتهم الاستهلاكية؟”.
مما لا شك فيه أن هناك تأثير مخفف لدعم الدولة لأسعار المواد الاستهلاكية من خلال المساعدات العمومية، حيث ارتفعت أسعار المنتجات الغذائية غير المدعمة بنسبة 0.6% في الثلاثي الأول.
كشفت بيانات المعهد الوطني للإحصاء، أن “الضرائب الصافية من الدعم”، والتي تشكل جزء من الناتج المحلي الإجمالي، ارتفعت بنسبة 12,1% مقارنة بالثلاثي الأول وبنسبة 9.4% خلال عام واحد.
وهذا يعني أنه كلما زادت الضرائب التي تدفعها، فإن الناتج المحلي الإجمالي سيرتفع، إضافة إلى ارتفاع الانفاق العمومي والتضخم.
كما أن ارتفاع نمو الناتج المحلي الاجمالي للدولة، يخلق قيمة مضافة “للأنشطة غير السوقية” أي الخدمات المجانية التي تقدمها الدولة بنسبة 0.4% مقارنة بالثلاثي الأول السابق، بينما انخفضت القيمة المضافة لـ “أنشطة السوق” بنسبة_ 0.1%.
على الرغم من الصعوبات المالية التي دفعتها إلى التقشف، في الموازنة، إلا أن الدولة التونسية تمكنت من المساهمة في نمو الناتج المحلي الإجمالي من خلال إنفاق أموال لا تملكها، لا سيما في شكل دعم الأسعار.
نموذج النمو لا يضمن الحفاظ على الرفاه المادي للتونسي، فرغم هذا النمو غير المتوقع، فإن الدولة التونسية لم تستعد مستوى ثروتها قبل جائحة كوفيد.
وبلغ الناتج المحلي الاجمالي التونسي 23.98 مليار دينار خلال الثلاثي الأول من العام الحالي مقابل 24.10 مليار دينار من الثلاثي الأول لسنة 2019، والأسوأ من ذلك فان التونسي عند هذا المستوى لم يعد بعد إلى مستوى الثروة المادية (نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي) الذي كان عليه قبل 10 سنوات.
فعند 1.990 دينار من الثلاثي الأول لسنة 2023، استقر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي عند مستوى أدنى مما كان عليه في الثلاثي الأول من سنة 2014، الذي قدر بـ 2.024 دينارا.
تشير البيانات، إلى أن عدد العاطلين عن العمل “655900” ارتفع مقارنة بالثلاثي الأول من العام الماضي “653200”.
البطالة التي تؤثر بشكل خاص على الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، حيث أن 40.2% من المنتمين إلى هذه الفئة الناشطة عاطلون عن العمل.
وعلى الرغم، من أن النمو حقق ارتفاعا بنسبة 0.8% مقارنة بالثلاثي الأول العام الماضي، فقد دمر الاقتصاد التونسي في هذه الأثناء 77300 وظيفة، 3 أرباعها تقريبا تخص النساء، آفة تصطدم بنمو قطاع النسيج والملابس الذي تبلغ نسبة العاملات فيه 80%.
إضافة إلى عودة ارتفاع البطالة في المجال الفلاحي “بسبب الجفاف” الذي يشغل نسبة كبيرة من اليد العاملة النسائية.
على الرغم من النمو الإيجابية بشكل عام لما يقارب عقدين، من الزمن فإن “معدل التوظيف” (عدد الأشخاص العاملين بالنسبة للسكان في سن العمل) هو الآن عند مستوى يقل بمقدار نقطة ونصف تقريبا عما كان عليه قبل 15 سنة.
ووفقا لأرقام البنك الدولي، فهي من بين أدنى المعدلات في العالم، 39.8% مقابل 57.4% في جميع أنحاء العالم و 42.1% في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
إن النمو في تونس لا يخلق فرص عمل لأنه ما يحركه ليس الاستثمار وإنما الاستهلاك.
وعلى الرغم من نسبة النمو المتوقعة، فإن البلاد تزداد فقرا، وتتخلص من العوامل التي تشكل حيوية الاقتصاد، فالشباب اختار “الحرقة”، الصناعيون ينتقلون، والمستثمر الأجنبي يتجاهل موقع تونس.
النمو الاقتصادي ليس هو الذي يخلق الوظائف، بل العكس، حيث أن الاستثمار والمجازفة ببعث المشاريع هي التي تخلق النمو.
ECOWEEK N° 21
*ريم الحسناوي
Written by: Asma Mouaddeb