إقتصاد

السوسي: “الوضع غير ملائم للترفيع في الجباية .. والخيارات المتبعة ستكرس اقتصاد الندرة”

today21/10/2024 112 3

Background
share close

قال أستاذ الاقتصاد معز السوسي اليوم الاثنين 21 أكتوبر 2024، إن مشروع قانون المالية لسنة 2025 لم يتضمن أفكارا جديدة، وإنما هناك اجترار لنفس الخيارات في 2024.

وأضاف السوسي “هناك في المقابل بعد جديد على مستوى إعادة توزيع المداخيل من الفئات التي لها أكثر مداخيل إلى التي لها أقل مداخيل وهو ما قد يندرج ضمن الإصلاح الجبائي”.

وقال لدى استضافته ببرنامج اكسبراسو يجب إعادة النظر في الإصلاح الجبائي بكل دقة خاصة وأن له مخاطر كبرى قد تؤثر على مداخيل الدولة.

ولفت إلى وجود توجه من الدولة لدعم المشاريع الكبرى خاصة التي لها جدوى اقتصادية وبيئية، وأيضا المشاريع المعطلة.

وأَضاف السوسي محدثنا “الإشكال يتعلق بالموارد المالية التي ستخصص لتحقيق الأهداف المعلنة”، مبينا أن الدولة قامت في سنوات 2023 و2024 و2025 بتطبيق مبدأ التعويل على الذات، وقد مثلت الموارد الخارجية من الاقتراض 48.2 بالمائة في 2023، وأصبحت في 2024 32.9 بالمائة فقط.

 

الاقتراض من البنك المركزي

وبيّن أن الرقم سيتراجع سنة 2025 إلى حوالي الخمس 21.7 بالمائة وهو “أمر خطير”، بعد أن كانت النسبة تقارب 60 بالمائة في سنوات ماضية، وهو ما يطرح التساؤل حول كيفية تغطية الحاجيات من العملة الصعبة.

وتقدر موارد الاقتراض بـ 28203 مليون دينار، هذا ويقدر سداد أصل الدين وخدمة الدين الخارجي بـ 24000 مليون دينار سنة 2025، نسبة كبيرة منها ستدفع بالعملة الصعبة، مضيفا “البنك المركزي سيقرض الدولة مجددا بالعملة الصعبة سنة 2025”.

وأردف محدثنا “الفكر الذي سيتم اعتماده هو تسديد 78 بالمائة من موارد الخزينة من الاقتراض الداخلي وهو ما سيؤدي إلى “un effet d’éviction”، أي مزاحمة الدولة للتمويل الخاص.

 

الموارد الجبائية

وتابع قائلا “أعتقد بالنجاعة الاقتصادية أي لا بد من فرص استثمار وتمويل وحوكمة ورؤية واضحة وهو مفقود في تونس”، مبينا أن التحوير في جدول الضريبة على الشركات والأشخاص يعني أن الدولة تبحث عن مزيد الموارد الجبائية، وهو ما يطرح التساؤل حول مدى فشل السياسة الضريبية المعتمدة في السابق”.

ولفت إلى أن الموارد الجبائية وغير الجبائية ارتفعت بين 2023 و2024، ب11.5 بالمائة، ويشير تقرير تنفيذ الميزانية في الأشهر الستة الأولى إلى 10.5 بالمائة، متسائلا “لماذا يتم التغيير في ظل وجود نجاعة؟ خاصة وأن تغيير جدول الضريبة يؤدي إلى مخاطر كبرى”.

 

تهرب ضريبي .. ضغط جبائي

كما بيّن ضيف اكسبراس أف أم أن “جميع الدراسات على مستوى السياسة الجبائية تشير إلى أن الزيادة في الضغط الجبائي وتوسيع جدول احتساب الضريبة قد يؤدي إلى التهرب الجبائي”.

وأضاف “الدولة ليست في وضع ملائم للمطالبة بمزيد من الجباية، حيث يقدر الضغط الجبائي في تونس بـ25.8 بالمائة في الفترة 2011-2022، في حين في البلدان المشابهة يكون أقل من ذلك المغرب بـ20.5 بالمائة، والأردن 15.5 بالمائة، ولبنان 13.5 بالمائة.

هذا ويبلغ معدل الضغط الجبائي بالنسبة للبلدان التي لها دخل متوسط في الشريحة الأدنى (وهو التصنيف الذي تنتمي إليه تونس يضم 51 دولة، 11 منها المعطيات غير متوفرة فيها) 15.7 بالمائة، في حين المعدل في تونس 24 بالمائة، وهو ما يستوجب مراجعة وفق الأستاذ في الاقتصاد.

وأضاف محدثنا “على الدولة الشروع في تحسين الخدمات وهو ما يؤدي بالضرورة إلى توجه أكبر المواطنين لدفع الضرائب”، مشيرا إلى أن زيادة الموارد الجبائية تقدر بين 2024 و2025 ب2.7 بالمائة.

كما اعتبر أن تحديد جدول الضريبة على الشركات بناء على رقم المعاملات ليس له معنى، ويجب مراجعته، ومواصلة اعتماد جدول 2024، ولا بد من اعتماد جباية ذكية، وفق قوله.

 

تكريس اقتصاد الندرة

وأردف “الدولة تبحث عن مداخيل جبائية ومن جهة أخرى هناك حديث عن التعويل على الذات، وكان الأجدر مواصلة سياسة التعامل مع المانحين الدوليين الكلاسيكيين وترك البنك المركزي يوفر للدولة ما يلزم لتوريد المواد الأساسية”.

وشدد على أن “اقتصاد الندرة سيتكرس أكثر، في حين كان الأجدر التركيز على محركات النمو وهي كيفية دعم الاستثمار الخاصة وجعل تونس وجهة للاستثمار الخارجي المباشر”.

وأضاف “الاستثمار الخاص يفترض أن يصل إلى 75 بالمائة من مجموع الاستثمار في تونس ولكن النسبة لم تصل إلى 50 بالمائة”، مبينا أن “قانون المالية سيبرز كيفية تصرف الدولة في المداخيل والنفقات على مستوى عام .. وفي ظل ما يحدث لن نخرج من ضعف النمو والبطالة وتعطل محركات النمو وخاصة الاستثمار الخاص”.

وأكد أن ندرة المواد الأساسية ستتواصل لأن الضغط على الحاجيات من التداين الداخلي وخاصة من العملة الصعبة سيكون كبيرا جدا، والجدول ليس ملائما للوضع الحالي، وقد يزيد من التهرب الجبائي ويقوض رغبة الدولة في احتواء القطاع غير المنظم، وفق تأكيده.

 

دور الدولة الاجتماعي

كما اعتبر أن مساعدة الشرائح المتوسط يتطلب سياسات اجتماعية وتفعيل دور الدولة الاجتماعي، وهناك آليات يمكن اعتمادها ولا بد من حلول ذكية أكثر.

وأوضح أن ضعف النمو خلال السنوات الماضية متأت من تعطل الاستثمار وتراجع الاستهلاك، فيما النسبة الضئيلة للنمو متأتية من الطلب الخارجي في ظل مجهود كبير على مستوى الصادرات.

ولفت إلى ضرورة تحسين الطاقة الشرائية للمواطن في ظل ارتفاع مستوى التضخم وهي المشاكل الأساسية التي يجب حلها.

وخلص إلى القول “يجب العودة إلى محركات النمو الداخلي وخاصة الاستثمار حيث لا بد من حلول اقتصادية ومراجعة السياسة النقدية، وتطوير الاستهلاك الذي يرفع في النمو”.

Written by: waed



0%