الأخبار

العلاقات التونسية السورية: من القطع إلى تأسيس جديد

today28/04/2023 124

Background
share close

أعلنت السلطات التونسية عزمها إعادة العلاقات الدبلوماسية التونسية السورية، رسميا بين البلدين، بعد حوالي عقد من قطيعة دبلوماسية، قررتها السلطة التونسية، التي كان يترأسها المنصف المرزوقي وحركة النهضة سنة 2012.

وفي الواقع، عرفت هذه العلاقات مرحلتين، مرحلة أولى سبقت مرحلة ما يسمى بالربيع العربي أي خلال الفترة من الستينات إلى سنة 2010، ومرحلة ثانية من 2012 تاريخ قطع العلاقات بين البلدين حتى تاريخ اتخاذ قرار بعودتها.

قبل قطع العلاقات..

ويعود تاريخ التبادل التجاري والعلمي والسياحي بين البلدين حتى إلى ما قبل استقلال تونس، إذ تميزت فترة الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي بتوافد مئات التونسيين إلى دمشق إما للدراسة  أو للتجارة، حتى أن بعضهم قرر الاستقرار في سوريا…

وخلال المرحلة الأولى، مرّت العلاقات بين البلدين بفترتين: فترة أولى خلال عهد الرئيسين الحبيب بورقيبة وحافظ الأسد، تميزت بنوع من البرود والفتور رغم وجود تبادل تجاري وتعاون اقتصادي محترم.

أما الفترة الثانية، أي خلال عهد حكم الرئيس زين العادين بن علي، وصعود الرئيس الحالي بشار الأسد إلى الحكم، في جويلية 2000، فقد تميزت بتحسن كبير في العلاقات، وتوجت بتبادل زيارات رسمية بين الرئيسين..

وتشير عدة مصادر تاريخية وتقارير إعلامية، إلى تطور لافت للعلاقات بين البلدين وصل إلى مستوى التحالف والتنسيق في بعض القرارات المتخذة بجامعة الدول العربية، كما تم خلال هذه الفترة إمضاء عشرات الاتفاقيات التي كانت تجمع البلدين، تشمل جل القطاعات ومنها التجارية والاقتصادية والمالية والسياحية.

قطع العلاقات

تميزت المرحلة الثانية “فترة قطع العلاقات”، التي انطلقت مع بداية سنة 2012، حين اتخذ الرئيس الأسبق المؤقت منصف المرزوقي قرارا مفاجئا في فيفري 2012 بقطع العلاقات مع سوريا احتجاجاً حينها على ما أسماه “قمع النظام السوري للاحتجاجات في البلاد”.

ويمكن تقسيم هذه المرحلة بدورها، إلى ثلاث فترات، فترة أولى تمتد من 2012 حتى نهاية 2014، وتميزت بقطع تام للعلاقات، وفترة ثانية من 2014 إلى 2019، وتميزت بعودة تدريجية للعلاقات، وفترة ثالثة من 2019 إلى 2023، وتميزت بالتمهيد السياسي لتصحيح العلاقات بين البلدين والتي توجت مؤخرا بإعادة العلاقات إلى طبيعتها ورفع التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى تبادل السفراء.

ورغم قرار قطع العلاقات، وبعد سقوط حكومة الترويكا الثانية في تونس سنة 2013، وصعود حكومة مستقلة بقيادة رئيس الحكومة الأسبق مهدي جمعة، سنة 2014، افتتحت تونس في جويلية من نفس السنة، مكتبا للخدمات الإدارية والقنصلية لفائدة الجالية التونسية في سوريا، قبل أن تُعيّن وزارة الخارجية التونسية سنة 2015 قنصلًا عامًا  في دمشق، بقرار من الرئيس الأسبق الباجي قائد السبسي.

في ماي من سنة 2015، ورغم وعده خلال حملته الانتخابية في ديسمبر 2014 بالعمل على ترميم العلاقات مع سوريا، تراجع الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي عن وعده وصرح في مقابلة إعلامية بأنه ليس من مصلحة تونس عودة السفير السوري إلى تونس.

كما عاد وصرّح في مقابلة مع قناة “أورو نيوز” في 2 ديسمبر 2016 أنّ “الموقف من إعادة العلاقات الدبلوماسيّة مع سوريا يُتّخذ في سياق قرار عربيّ، وتونس تتفاعل ضمن الوفاق والإجماع العربيّ”.

في 24 سبتمبر من سنة 2021، التقى وزير الخارجية عثمان الجرندي بوزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد بحضور نائب الوزير بشار الجعفري، وهو اللقاء الأول بين مسؤولين من البلدين منذ سنة 2011 وإثر قطع العلاقات الدبلوماسية.

وكان اللقاء على هامش مشاركة الجرندي في أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي انعقدت بنيويورك من 20 إلى 27 سبتمبر 2021.

عودة العلاقات..

في 15 ديسمبر 2021، وخلال لقاء إعلامي في قصر قرطاج بحضور الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قال الرئيس قيس سعيّد، إنه يجب التفرقة بين الدولة والنظام، وقال “النظام شأن داخلي للشعوب يهم الشعب السوري فقط، أما نحن فنتعامل مع الدولة”.

وأشار سعيّد إلى أن بعض الأطراف أرادت إسقاط الدول وليس النظام، وسوريا عانت كثيرًا من مساعي التفكيك على مدار التاريخ.

وفي  جويلية 2022، أعلنت وزارة خارجية سوريا، أن فيصل المقداد وزير خارجية التقى الرئيس قيس سعيّد، على هامش احتفالات الذكرى 60 لاستقلال الجزائر.

وفي فيفري 2023، قرر رئيس الجمهورية قيس سعيّد “الترفيع في مستوى التمثيل الدبلوماسي التونسي في دمشق” إلى مستوى سفير، وقال إن “قضية النظام السوري شأن داخلي يهمّ السوريين بمفردهم والسفير يُعتمد لدى الدولة وليس لدى النظام”.

وصرّح رئيس الجمهورية قيس سعيّد في لقاء مع وزير الخارجية في مارس الماضي “سيكون لتونس سفير معتمد لدى دمشق”.

وسعيّد أضاف أنه “ليس هناك ما يبرّر ألا يكون هناك سفير لتونس لدى دمشق وسفير للجمهورية العربية السورية لدى تونس”.

ومن جانبها أعلنت الحكومة السورية في بيان يوم 12 أفريل الجاري “موافقتها الفورية” على “مبادرة رئيس الجمهورية قيس سعيد بتعيين سفير لدى الجمهورية العربية السورية”، وقررت “إعادة فتح السفارة السورية بتونس، وتعيين سفير على رأسها في الفترة القليلة القادمة.

مواقف بعد عودة العلاقات:

قال الديبلوماسي السابق عبدالله العبيدي “إنه كان من المفروض أن لا تنقطع العلاقات بين سوريا وتونس لأن العلاقات بين الدول هي جسور اتصال والحالة العادية هي استمرار العلاقات مضيفا أن الجالية التونسية في سوريا مهمة وتاريخية..”.

واعتبر العبيدي، أن هذه العودة جاءت متأخرة كثيرا، وأن سوريا بلد يعتد به في عدة مجالات وفق تعبيره.

ومن جانبه، قال المتحدث باسم حزب التيار الشعبي محسن النابتي، إن “قرار رئيس الجمهورية يعد خطوة إيجابية جدا وهذه الخطوة جمعت بين الموقف السياسي والموقف الإنساني، بما يعني وجود سفير تونسي في دمشق، يخدم العلاقات ببن البلدين وسيخدم الجالية التونسية في سوريا، وسيساعد الدولة الوطنية في سوريا في معاناتها بعد الحرب الطويلة والدولة في وضع صعب”.

*ريم الحسناوي

Written by: Asma Mouaddeb



0%