أبرز المرصد التونسي للاقتصاد في مذكرة أوردها، مؤخرا، أن تونس مدعوّة إلى الدفاع عن الاتفاق الإطاري حول التعاون الجبائي الدولي، الذّي اعتمدته الأمم المتحدة منذ نوفمبر 2023، والذّي يدعو الدول الى الإنخراط بمسار إعداد إطار قانوني ملزم.
وأفاد المرصد ضمن مذكرته، التّي جاء تحت عنوان “إفريقيا والإصلاح الجبائي العالمي: آفاق هندسة جبائية تعتمد على حقوق الإنسان”، أنّ القرار الأممي، الذّي تقدّمت المجموعة الإفريقية ومثلته نيجيريا، سيسمح بإعداد قواعد لمقاومة التهرّب الجبائي للمؤسّسات والتدفقات المالية غير المشروعة.
وبإمكان القرار ذاته، الذّي يعد نتاج دعوة ومناصرة المجتمع المدني وبلدان الجنوب، لعدّة سنوت لأجل إرساء نظام دولي ديمقراطي عادل وفعلي للأداء، أن يكون أيضا، رافعة للتعاون في المجال الجبائي في شمال إفريقيا وضمان الإندماج والأخذ في الإعتبار للحقوق الجبائية لبلدان الجنوب.
وحثّ المرصد تونس على “الإنسحاب من الاتفاق الجبائي العالمي لمنظمة التعاون والتنمية الإقتصادية”، الّذي اعتبره “غير دامج وغير شفاف ولا يضمن لها مصالحها”.
واعتبر المرصد أنّ هذا الاتفاق، الجاري التفاوض بشأنه، “مضرّ ” بالسيادة الجبائية وبقدرة بلدان شمال إفريقيا على تعبئة موارد أكثر لتحقيق التنمية وتجسيد الحقوق.
وبحسب المرصد فإنّ التدفقات الماليّة غير المشروعة تشكل 3.7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام للقارّة الإفريقية وتعد تونس معنيّة، خصوصا، بهذه الظاهرة.
تبادل المعلومات للحد من التهرب الضريبي
وفي تعليقه على ما ورد في المذكرة الصادرة عن المرصد قال المستشار الجبائي محمد صالح العياري اليوم الثلاثاء 2 جانفي 2024، إن هناك فصلا ضمن اتفاقيات عدم الإزداوج الضريبي يتعلق بتبادل المعلومات للحد أكثر ما يمكن من الغش الجبائي والتهرب الجبائي.
وبيّن العياري لدى مداخلته ببرنامج ايكوماغ أن المرصد التونسي للاقتصاد يحبذ الإنخراط ضمن الاتفاقية الإطارية بخصوص التعاون الجبائي الدولي التي أعدتها منظمة الأمم المتحدة عوض الاتفاق الجبائي الدولي الذي أعدته منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
وقال “في كلتا الحالتين هناك اتفاقيات للحد أكثر ما يمكن من التهرب والغش الجبائي، والإطار الأسلم لتونس كبلد نامي التعاون أكثر من البلدان الإفريقية”.
وأضاف “هناك صراع خفي بين المنظمتين، والأفضل هو الاتجاه الذي خيّره المرصد فيما يتعلق بالاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة التي تتماشى أكثر مع خصوصيات البلدان النامية باعتبار أن الشركات متعددة الجنسيات تقوم باستغلال ثروات البلدان النامية وتضخيم الأعباء للتقليص من الأرباح وتحويل أكثر ما يمكن من الأرباح من البلدان النامية إلى البلدان الغنية”.
وتابع قائلا “لذلك أدعم توجه المرصد الوطني للاقتصاد إذ أن هذه الاتفاقية تتماشى مع البلدان النامية وهو ما يمكن أكثر من تقليص استغلال الدول النامية من قبل الدول الغنية عبر هذه الشركات العابرة للقارات والتي لها تأثير سلبي لاستغلال الخيرات والموارد الطبيعية للبلدان النامية”.
تونس تحصلت على 37 مليون دينار
وأبرز أن تونس تحصلت في إطار الاتفاقية المتعلقة بتبادل المعلومات الجبائية مع بلدان الاتحاد الأوروبي على العديد من المعلومات الجبائية، حيث وقعت على اتفاقية منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية منذ 2014 وهو ما مكنها من تحصيل مداخيل إضافية متأتية من تبادل المعلومات في حدود 37 مليون دينار.
وشدّد على ضرورة أن تنخرط تونس في الاتفاقية التي وضعتها الأمم المتحدة بالتزامن مع التعامل بالاتفاقية التي وضعتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لمواصلة الحصول على المزيد من المعلومات خاصة وأن أغلب الشركات التي تستثمر في تونس هي من بلدان الاتحاد الأوروبي.
واعتبر أن أسلم حل هو التوفيق بين الاتفاقيتين واستغلال أكثر مايمكن من الفرص على مستوى المنظمتين، كما هو الشأن بالنسبة لإبرام اتفاقيات عدم الإزدواج الضريبي، مضيفا “تونس في حاجة ملحة وأكيدة لتبادل المعلومات .. وهي لم تنتفع كما ينبغي ببند تبادل المعطيات المعلومات الجبائية، كما هو الحال بالنسبة للأموال المنهوبة، إذ نجحت الجزائر مثلا في استرجاع أموال كبيرة في حدود 60 مليار دولار”.
وأردف “يتعين على تونس القيام بالإجراءات الضرورية، للحصول على المزيد من الأموال .. إذ أن مبلغ 37 مليون دينار يعد زهيدا، ولا بد من العمل بشكل جيد وطلب المعلومات اللازمة بهدف الحصول على مبالغ إضافية هامة متأتية من التهرب الضريبي”.