أكد مجلس شورى حركة النهضة المنعقد في دورته السابعة والخمسين يومي 26 و27 مارس 2022، أن إصرار سلطة الانقلاب على المضي في سياساتها المرتجلة والانفرادية يهدد مقومات الدولة ومؤسساتها ونواميس عملها ويعمّق أزماتها الاقتصاديّة والاجتماعيّة ويزيد من عزلة البلاد إقليميّا ودوليّا بعد السطو على مؤسساتها الدستوريّة وتدجينها وتهميش المنظمات الوطنيّة والأحزاب وغلق باب الحوار والتشاور في الشأن الوطني، إضافة إلى استهداف القضاء والإعلام والإدارة بالتطويع وتعيين الموالين في مخالفة صريحة لمقتضيات الدستور والقانون والمواثيق الدولية.
وحمل مجلس شورى حركة النهضة في بيانه الصادر اليوم الإثنين 28 مارس 2022 ما أسماها “سلطات الانقلاب” مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعيّة في البلاد من خلال تعطيلها المؤسسات الدستورية وسوء إدارتها للدولة وتعفين مناخ الأعمال مما نتج عنه انعدام ثقة الفاعلين الاقتصاديين المحليين والدوليين وتراجع مناخ الاستثمار وارتفاع عدد المؤسسات المُفلسة وارتفاع نسب البطالة.
ونبه المجلس إلى أن أوضاع البلاد تتجه إلى الأسوأ في ظل تواصل الإجراءات الاستثنائية، وقال إنه “من المؤشرات الكثيرة على ذلك تخفيض ترقيم تونس الائتماني إلى أدنى مستوى مع آفاق سلبية، وهو ما يعني تصنيف بلادنا في خانة البلدان عالية المخاطر المهددة بالإفلاس لا قدّر الله”.
وعبّر مجلس شوى النهضة عن قلقه من تنامي النقص في بعض السلع بما في ذلك السلع الاستهلاكية الأساسية كالمواد الغذائية من قبيل الزيت النباتي والسميد والفرينة والروز والسكر، “إضافة إلى الارتفاع المتكرر وغير المبرر في أسعار مواد أساسية وتكميلية بما يزيد في معاناة المواطنين وخاصة الفئات المتوسطة والفقيرة”.
وعبّر المجلس عن تضامنه مع المؤسسات الاقتصادية والتي يفوق عددها 600 ألف مؤسسة أمام ما تواجهه من مخاطر بسبب الأزمة الاقتصادية وما تتعرض له من شيطنة ووصم بالاحتكار والتهرب الضريبي.
وذكر شورى النهضة أن المؤسسات الاقتصادية هي المساهم الرئيسي في خلق الثروة والتشغيل وترتبط بها آلاف العائلات التونسية مما يستوجب دعمها والاحاطة بها لتقوم بدورها الوطني.
ونبّه المجلس إلى أن الحملة الأمنية التي انطلقت بعنوان مقاومة الاحتكار وبالإضافة إلى أنها غير ذات جدوى ولم تغير فعليا في تزويد السوق أصبحت تثير الخوف في صفوف التجار والمنتجين وينتج عنها اختلال في السلسلة التجارية وتتضرر منها الكثير من المؤسسات بسبب سوء التطبيق أو المبالغة في الأحكام الجزائية للمراسيم المتعلقة بالتهريب والاحتكار مما يفتح أبواب الفساد من رشوة وابتزاز.
واعتبر المجلس أنه حان الوقت لإطلاق حوار وطني اقتصادي واجتماعي يجمع كل القوى السياسية والاجتماعية وينتهي بالتوافق على رؤية تنموية بديلة وبرامج للإصلاح، لوضع حد لمسار التدهور والإفلاس.
وأكد المجلس أن “الانقلاب ورغم فشل الاستشارة الالكترونية يريد الذهاب بالبلاد إلى استفتاء وانتخابات صورية غير عابئ بما يعانيه المواطنون من جراء الأزمة الاجتماعية والاقتصادية”.
ودعا مجلس شورى النهضة كافة القوى الوطنية المدافعة على الديمقراطية إلى تنسيق الجهود وتوحيدها “من أجل بناء بديل ينجز الإنقاذ السياسي والاقتصادي قبل فوات الأوان”.
واستنكر إمعان سلطات الأمر الواقع في انتهاك الحريات وحقوق الإنسان وحرية التعبير والاجتماع عبر محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية وسجن النواب والصحفيين والمدونين والمعارضين من أجل أفكارهم ومواقفهم السياسيّة.
كما جدّد رفضه السطو على السلطة القضائية عبر تعيين مجلس أعلى مؤقت للقضاء وتغيير قانونه الأساسي وتهميش واستهداف القضاة ويعبر المجلس عن تضامنه مع هيئاتهم المستقلة والمنتخبة واستماتتها في الدفاع عن استقلالية القضاء وكرامة القضاة.
وندّد في بيانه بمحاولة “السيطرة على وسائل الاعلام وترهيب الصحفيين وملاحقة بعضهم عبر المحاكمات والتجميد وفرض سياسات تحريرية ذات لون واحد على المؤسسات العمومية ومنها التلفزة الوطنية ومنع السياسيين والحقوقيين من المشاركة في برامجها”، وعبّر أيضا عن “دعم نضالات الصحفيين وهيئاتهم من أجل التصدي لتركيع الإعلام وتطويعه والتراجع عن كل المكتسبات التي تحققت للقطاع بفضل ثورة الحرية والكرامة”.
وعبّر شورى النهضة في بيانه عن رفضه إغراق الإدارة بالتعيينات المسقطة والقائمة على الولاء وانعدام الخبرة والكفاءة وإقصاء عشرات الكفاءات الوطنية عبر العزل والتجميد، واعتبر أنها سياسيات “تهدّد فاعليّة المرفق العمومي وحياديته واستقلاليته وتوتّر المناخ الاجتماعي وتوسع الممارسات غير القانونيّة وتفتح على تراجع الخدمات العموميّة وانحراف الادارة عن دورها الرئيسي في خدمة المواطنين”.