Express Radio Le programme encours
التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الإخبار وفي باطنه نظر وتحقيق. هكذا قال العلامة ابن خلدون وتاريخ مدينة المحمدية من ولاية بن عروس يتحدث عن الحضارات والحقبات التاريخية التي مرت بها المنطقة على مر السنين.
هل نجحت السلط المحلية في حماية مواطنيها وتوفير ظروف ملائمة لعيش كريم ؟ وهل نجحت أيضا في حماية المعالم الاثرية التي تزخر بها من التلف والسقوط؟
فمن المتفق عليه أن واجب الدول حماية المناطق الأثرية والمعالم الشاهدة على تواتر الحقب التاريخية والحضارات التي تمر بها. ومن واجبها أيضا حماية مواطنيها وتوفير أدنى مقومات العيش الكريم.
ربما الأمر مختلف بالنسبة لمتساكني “القشلة” بالمحمدية، المدينة التي كانت تسمى “طنبذة” أو كما سميت في عهد البايات المٌحمًدية نسبة إلى أحمد باي الذي اتخذ منها مكانا لتشييد أحد قصوره في القرن الثامن عشر نظرا لموقعها الجغرافي الاستراتيجي.
مدينة شهدت تواتر الحضارات وطالما كانت شاهدا على تعاقب التقلبات التاريخية للبلاد على مر السنين.
لكن بعد الاستقلال وبعد فترة البايات لا يزال قصر المحمدية والقشلة والسرايا والحنايا معالم أثرية لم تلق عناية من السلط المعنية وأصبحنا نتحدث عن أماكن متروكة مهجورة لا قيمة ولا رمزية لها،إذ تم إتلاف وتخريب جزء كبير من الحنايا وقصر الباي ولم يبق من سكانها سوى بعض العائلات التي اتخذت من القشلة مسكنا بنوا فيه بيوتا من الاسمنت منذ تلك الفترة.
اختلفت الروايات فمنها من تقول أن بعد خروج الباي من المحمدية انتقلت ملكية جزء من الأرض في القشلة الى “شاوش سعد” وهو أحد حراس الباي الذي نقل ملكية جزء من الأرض الى عائلة “ح” التي لا تزال الى الآن بين جدران المعلم الاثري القشلة، اما بقية المتساكنين فتمتعوا بمنازل اجتماعية وزعت عليهم بعد الاستقلال مباشرة في إطار برنامج إزالة الأكواخ الذي انطلق الرئيس الأول للجمهورية التونسية الحبيب بورقيبة في تنفذه واتخذ لهم من أرض مجاورة للقصر والقشلة مكانا انشأ فيه حيا سكنيا لهم.
انتقلت العائلات التي تسكن في مختلف زوايا القشلة ولم يتبقى سوى عائلة “ح” التي اقتسمت قطعة الأرض منذ 1948 جيلا بعد جيل إلى أن وصلوا اليوم الى الجيل السادس من العائلة التى تتشبث بالملكية وتنتظر التعويض للمغادرة.
أجيال العشوائيات
يقطنون منازل بسيطة بدائية تتكون أغلبها من غرفة واحدة أو غرفتين كأقصى تقدير تغلب على غرف منازلهم التشققات وتشهد جدرانها على مر السنين وما مر بها من تغيرات تاريخية.
زرنا القشلة وتحدثنا إلى السيد ع.ح والسيد ح.ح كلاهما أبناء عم يعود أصلهما إلى عائلة الحيدوسي ويقول كل منهما أنه ولد بين جدران المعلم الأثري ولم يجد طريق للخروج وتحسين وضعه الاجتماعي كل منهم ينتظر تدخل الدولة لإنقاذه من براثن المأساة..
فح.ح أحد المتساكنين وعضو في جمعية صيانة المدينة تحدث عن تاريخ المعالم الأثرية المحيطة بقصر “فيرساي” المشابه لقصر فيرساي الفرنسي وقصر الأمير شاكير كما تحدث عن تاريخ تشييدهما وكل المعالم التي شيدت منذ أكثر من 300 سنة كما فسر لنا التسلسل الزمني للأحداث منذ عهد البايات حتى الآن.
في حديثنا معه قص علينا ح.ح ايضا تاريخ وقصة قدوم عائلته إلى القشلة الذي يعود الى سنين، الشاوش سعد الذي سلمهم قطعة الأرض بعقد مسجل في الملكية العقارية كما عبر لنا عن رغبته وعائلته وكل العائلات القاطنة بالجوار في المغادرة وحماية المنطقة الاثرية كغيرها من المناطق التونسية المحمية.
هو من ناحية لا يرضى بالسكن في مكان تحيط به المعالم الاثرية الايلة للسقوط فهي تمثل خطرا داهما على جميع المتساكنين ومن ناحية اخرى منازلهم الصغيرة تكاد تسقط من شدة التقادم بالاضافة انه يحلم بان تصبح الارض الذي عاش فيها طفولته معلما سياحيا ياتيه الزوار من كل صوب وحدب .
حدثنا عن فكرة المسرح الذي يود تشييده وفكرة المشروع التي اقترحها على بلدية الجهة التي لم تظهر سوى الموافقة لكن تبقي كل الاقتراحات رهين الانتظار فإلاجراءات القانونية بطيئة
وتتطلب تدخل عدة جهات مثلما أشار له رئيس البلدية أحد العلمي والباحث في المعهد الوطني للتراث نزار السليمي .
الرغبة في المغادرة تراود الجميع
ع.ح هو ايضا احد السكان ابن عم السيد ح استقبلنا في منزله الصغير الذي يقع في الطرف الآخر من القشلة يحمل بطاقة اعاقة، لا يعمل تهتم زوجته بـ إعالة افراد عائلتها حلمهم العيش في ظروف كريمة تضمن لهم ما تبقى من حياتهم مثل ما عبر ع.ح
خمس عائلات تقتسم قطعة أرض صغيرة يطالب كل منهم بطروف عيش كريم وابسط مقومات الحياة عبر كل منهم عن رغبته الملحة في تغيير ظروف عيشه
سارة جلالي
Written by: Zaineb Basti