الأخبار

حسين الرحيلي: 700 مليون متر مكعب من الماء تُهدر سنويا في الفلاحة

today28/12/2022 105

Background
share close

أكد الخبير في التنمية والموارد المائية حسين الرحيلي اليوم الأربعاء 28 ديسمبر 2022 أنّ التحولات المناخية باتت واقعا فعليا وليس “مجرد تكهنات لعلماء المناخ”، معتبرا أن حالة الطقس تعد “غريبة” حيث تصل الحرارة شهر ديسمبر الجاري إلى 28 درجة كما يعد الصيف المنقضي الأسخن حيث بلغت درجات الحرارة شهر سبتمبر الماضي 47 درجة في ولاية تطاوين وهي الأعلى منذ 70 عاما.

وقال حسين الرحيلي في تصريح لبرنامج لكسبراس إنّ “المواطن والفلاح أصبحا يلاحظان هذه التغيرات المناخية”، مشيرا إلى وضعية السدود في الشمال الغربي ومن بينها سد بني مطير الذي يعتبر في وضع “محزن” حيث لم يتجاوز 7 مليون متر مكعب في حين تبلغ طاقة استيعابه 130 مليون متر مكعب.

وتحدث الرحيلي عن إشكالية الماء قائلا إنّها “إشكالية مركزية في حين أنّ الأجهزة الرسمية السياسية تطرح مسألة الماء وكأنها مسألة عادية” حيث يتم إعتماد أسلوب التسويف.

واعتبر الخبير أنّ تصريح وزير الفلاحة الذي أفاد فيه بأنّ نسبة تزويد الأرياف بالمياه تصل إلى 95 بالمائة مجانب للصواب حيث أنّ هذه النسب لم تسجل في المدن، معتبرا أن “المقاربة السياسية تجاه الماء مازالت غامضة وغير واضحة وليست من بين الأولويات”.

وبيّن الرحيلي أنّ “تونس تاريخيا لم تكن بلدا غنيا بالثروة المائية”، قائلا إنّ “موقعنا الجغرافي يُصنّف ضمن المناخات شبه الجافة، ولا يتجاوز معدل التساقطات 450 مليمترا في السنة” مبينا أن مشكل المياه يعد قديما.

وشدد الخبير في التنمية والموارد المائية على فشل السياسات العمومية المتبعة وتقادمها وعدم تأقلمها مع ارتفاع الطلب وتغير الأوضاع، مشيرا إلى اعتماد نفس المقاربة والإطار القانوني حيث يتواصل إعتماد مجلة المياه منذ 1975 في حين أنّ نمط عيش التونسي يعد مختلفا عن سنوات التسعينات والسنة الحالية.

كما أوضح أنّ الهيكل التنظيمي المتبع للشركة الوطنية لإستغلال وتوزيع المياه “الصوناد” متواصل منذ 1968، مبينا أنّ حدوث إشكال في المياه في ولاية جندوبة مثلا يتطلب التوجه إلى ولاية نابل لحله.

وأفاد الرحيلي بأن الجفاف متواصل منذ خمس سنوات حيث تراجعت التساقطات بالمقارنة مع متوسط التساقطات السنوية وتأثرت مختلف جهات البلاد بنسب مختلفة.

وذكّر بأن مستوى امتلاء السدود بلغ خلال الفترة من سبتمبر إلى ديسمبر من العام الماضي 380 مليون متر مكعب في حين تراجعت الكمية المسجلة خلال نفس الفترة من 2022 إلى 109 مليون متر مكعب أي بنسبة أكثر من 68 بالمائة.

وفيما يتعلق بالموسم الزراعي أكّد الرحيلي تسجيل تراجع كبير على مستوى الزراعات الكبرى مبينا أن التوزيع الزمني للتساقطات يؤثر بشكل كبير على هذه الزراعات.

وأوضح ضيف لكسبراس أنّ صيف 2021 يعد الأصعب من حيث إنقطاعات المياه والتي لم تكن لأسباب فنية وإنما لعدم وجود كميات كافية من الماء لتمويل مياه الشرب ولقطاع الفلاحة، متوقعا “انقراض بعض أنواع الغلال خلال خمس سنوات”.

وأفاد الخبير في التنمية والموارد المائية بأنه تم “إدراج تونس منذ سنة 1995 ضمن قائمة 25 دولة التي تدخل الضغط المائي” حيث أن كميات المياه العذبة التي يتم استخراجها من الموارد الجوفية أكثر بكثير من الكميات المتجددة، مبينا أنه كان يتعين منذ ذلك التاريخ التفكير في الخطط والبرامج وتغيير السياسات كاملة تجاه الماء وبناء ثقافة مواطنية.

وتحدث عن القطاع السياحي قائلا إن “كل سرير يستهلك 500 لتر من المياه يوميا وهو ما يعادل إستهلاك 7 أشخاص في منطقة ريفية و5 أشخاص في منطقة عمرانية حيث يستهلك التونسي بين  70 إلى 100 لتر من الماء في اليوم.

وأكد الرحيلي إنه منذ سنة 2015 “دخلت تونس مرحلة الشح المائي حيث يعيش المواطن الفقر المائي”، وتشير منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة إلى أنّ “ضمان العيش الكريم وتوفير الحاجيات الحياتية الكاملة يتطلب توفير ما بين 700 إلى 900 متر مكعب من الماء، في حين تشير الأرقام المحيّنة في تونس إلى أن الموطن التونسي يحصل فقط على 380 متر مكعب في العام مما يعني أنه يستهلك أقل من 50 بالمائة من المؤشرات العالمية”.

وفي إجابته عن دور مراكز تحلية المياه أكد الرحيلي أن هذا التوجه يجب إعتماده ضمن “تصور شمولي.. بعيدا عن حلول الهروب إلى الأمام”، مبينا أن كلفة تحلية الماء تعد مرتفعة، حيث يمكن أن تصل كلفة تحلية المتر المكعب الواحد من المياه إلى 4 دينارات، وفق تقديره.

من جهة أخرى تشير تقديرات وزارة الفلاحة إلى أنه يتم “إضاعة أكثر من 33 بالمائة من المياه في الري الفلاحي، أي تقريبا 700 مليون متر مكعب يهدر سنويا وهو ما يعادل  مرة ونصف الكمية التي يستهلكها الشعب التونسي للشرب سنويا.

واعتبر حسين الرحيلي أنّ الحلول لتجاوز هذه الإشكاليات تتمثل فيما وصفه بـ “تخلي وزارة الفلاحة عن العنجهية والنسق المغلق والدراسات المتواترة المتعلق بالماء في أفق السنوات القادمة” والتخلي عن اعتبار الماء “شأنا خاصا”، معتبرا أنّ الحروب القادمة هي “حروب عن مصادر الماء خاصة منها العذب الذي يمثل فقط نسبة 2 بالمائة في العالم.

وبيّن الرحيلي أن إعتماد الزيادة في ثمن الماء لا يمكن أن يساهم في تقليص الإستهلاك الذي يرتبط بعدة عوامل أخرى، مشيرا إلى أن تخصيص 2 مليون دينار ضمن ميزانية الدولة لسنة 2023 المقدرة بـ70 مليار دينار لإعطاء قروض دون فائدة لتشييد مواجل ستساهم في إنجاز حوالي 100 ماجل في السنة، وهو ما يحيل إلى أن المقاربة المعتمدة تنم عن عدم الوعي بأن مشكل الماء أخطر من مشكل التشغيل في البلاد.

وقال الخبير في الموارد المائية إن “ولايات سوسة والمنستير والمهدية شهدت انقطاعات ليلية ويومية لمياه الشرب طيلة فصل الصيف، الانقطاعات تشمل المواطنين فقط فهل شملت النزل.. هناك مشكل في تحديد الأولويات.. هذه أول نقطة سياسية.. نحتاج إلى تحديد الأولويات بداية بمياه الشرب ثم مياه الفلاحة..”.

حيث يتم استهلاك كميات كبيرة من الماء في البرتقال مثلا والذي يتم تصديره بدل تخصيصها “للقمح والشعير والأعلاف للمساهمة في تقليص الأسعار”، مطالبا بضرورة “إعادة النظر في خارطة الإنتاج الفلاحي”.

وقال الرحيلي إن الإشكال يعد هيكليا منذ 70 سنة ولا يمكن إعتماد الحلول الترقيعية والظرفية وانما اعتماد مقاربات جديدة، مشيرا إلى “التقادم الكبير في قنوات المياه” وهو ما يفرض على الدولة “الاستثمار في التجهيزات والبنية التحتية “للصوناد”.

واعتبر أنّ الفصل في قانون المالية المتعلق بالزراعات الكبرى لا يمكن أن يساهم في تحقيق نتائج نظرا لإنتهاء عمليات زرع الحبوب منذ شهر سبتمبر.

Written by: Asma Mouaddeb



0%