أحيت معتمديّة بن قردان من ولاية مدنين اليوم الاثنين 07 مارس 2022 الذّكرى السّادسة لملحمة 07 مارس حيث تكبّد تنظيم “داعش” الإرهابي أكبر هزيمة له لم يعرفها في مدن و بدول أخرى في تلك الفترة.
وقد أعلن الإتّحاد المحلّي للشّغل بـبن قردان هذا اليوم يوم عطلة لكلّ الشّغّالين في قطاعات الوظيفة العموميّة والمنشٱت والمؤسّسات العموميّة والخاصّة، ليحيي فيه كلّ أبناء بن قردان ذكرى ملحمتهم التي يتباهون بها ويفخرون بدرس أعطته لكلّ العالم في الذّود عن الوطن والموت لأجله .
حيث تمسّك الإتّحاد بأن يكون يوم 07 مارس يوم عطلة ببنقردان حتى يتذكّر المسؤولون بالحكومة بأنّه تمّ منذ 04 سنوات الإقرار بأنّه سيكون يوما وطنيّا للإنتصار على الإرهاب، إلّا أنّ أبناء بنقردان مازالوا ينتظرون تفعيل القرار بأن يدرج بالرّائد الرّسمي لتشاركهم تونس هذه الذّكرى.
و يعتبر أهالي بن قردان أن هذه الملحمة ستبقى “عظيمة” لا تمحوها الأحداث، ولن يخفت بريقها .
هذا وقد إزدانت شوارع بنقردان في هذا اليوم وإكتظّت بالوحدات الأمنيّة، وخاصّة بمحيط مقبرة سيدي خليف أين يرقد شهداء الملحمة من أصيلي بنقردان، وهي تنتظر في نفس الموعد الوفود الرّسميّة لتلاوة الفاتحة والتّرحّم على أرواح الشّهداء.
وغير بعيد عن المكان، يوجد النّصب التّذكاري الذي جسّد معنى الملحمة بإلتفاف المواطن المدني والأمني والعسكري معا، وبالقرب منه صور كلّ الشّهداء الذين سقطوا من أجل أن تبقى الرّاية الوطنيّة ترفرف عاليا، ومن أجل ان يحيا الوطن.
ويسدل اليوم 07 مارس السّتار على برنامج إحتفال إنطلق ببنقردان منذ يوم 2 مارس، والذي كان بمثابة “جسّ النّبض”، وهو ما لم يفهمه الإرهابيّون رغم أنّه تمّ القضاء عليهم محصّنين بأحد المنازل بمنطقة العويجاء، فعادوا فجر يوم07 مارس ونالوا هزيمتهم الكبيرة، وفشل مخطّطهم في إقامة “إمارة داعشيّة” والسّيطرة على الأماكن الحيويّة ببنقردان، ومنها الثّكنة العسكريّة ومقرّات أمنيّة ومقرّ المعتمديّة.
وعاشت معتمديّة بنقردان طيلة حوالي أسبوع أجواء احتفالية ، معتبرين ان ما حدث يبعث على الإعتزاز والفرح بالإنتصار على الإرهاب وقبره على أرضها.
وقد تضمّن أسبوع إحياء هذه الذّكرى فقرات متنوّعة جمعت بين الجانب الثّقافي والفنّي، وبين الجانب العلمي، فإنتظمت السّهرات التي جمعت بين الغناء والشّعر، وإنتظمت المعارض، وأقيمت ندوات إهتمّت ببحث سبل إرساء منوال تنمويّ جديد.
من ناحية أخرى تزامن إحياء ملحمة 7 مارس ببنقردان هذا العام ، بجديد على مستوى المسار القضائي، و لأوّل مرّة منذ 6 سنوات، حيث أصدرت الدّائرة الجنائيّة المتخصّصة بالنّظر في القضايا الإرهابيّة في ساعة متأخّرة من ليلة الجمعة احكاما في القضيّة المتعلّقة بأحداث بنقردان شملت 96 متّهما تراوح الحكم عليهم إبتدائيّا بين الإعدام أقصاها، وأدناها 4 سنوات سجنا.
و تعدّ هذه الأحكام، التى طعنت فيها النّيابة العموميّة مهمة، بعد سنوات عمّق فيها الإنتظار أوجاع عائلات الشّهداء والجرحى، وإحساسهم بالظلم ، وفق ما صرّحت به رئيسة جمعيّة رعاية أسر شهداء ملحمة 7 مارس وجرحاها ببنقردان بسمة الجويلي، وهي ايضا ارملة شهيد.
وأضافت بسمة الأرملة التي يتّم الإرهابيّون إبنتها وأفقدوها حنان أب كان يرى في إبنته المستقبل بعين التّفاؤل، أنّ معاقبة إرهابيّين قتلوا أبرياء بلا ذنب أمر مهمّ يخفّف حزن عائلات قلبها ينزف دما على فقيدها، وجرحى أصبحوا عاجزين عن أيّ طموح وأمل.
وتنتظر بسمة حقّ عائلات الشّهداء والجرحى في التّعويض المادّي والإقتصادي والمعنوي وجبر الضّرر، وبداخلها قناعة الّا شيء يعوّض مكان من يمثّل حضوره ووجوده معنى للحياة وطعما لها.
وإكتفى مبروك الموثّق، والد أصغر شهيدة، وهي طفلة عمرها 14 سنة، بالقول عن صدور الأحكام القضائيّة الإبتدائيّة ضدّ إرهابيّي أحداث بنقردان “إنّ الله يمهل ولا يهمل، ناري على بنتي ٱش يبرّدها” ، وهي ترسم لنا ولها أن تكون يوما طبيبة تعالج المساكين والمحتاجين”.
وإعتبر الحقوقي مصطفى عبد الكبير ابن بنقردان وهو الذي فقد أحد أقاربه من العائلة، أنّ هذه الأحكام التي أصدرتها أوّل أمس الدّائرة الجنائيّة المتخصّصة بالنّظر في القضايا الإرهابيّة “ليست باتّة ونهائيّة وطالب بضرورة أن تكون الأحكام مفصّلة في كلّ قضية، وعدم ضمّ الأحكام، فمن تورّط في أكثر من قضيّة يحاسب على كلّ قضيّة، مؤكّدا ضرورة أن يبقى ملفّ أحداث 7 مارس مفتوحا لتتبّع كلّ الأطراف الفارّة والضّالعة في العمليّة.
كمال الميلادي