الأخبار

شكندالي: “الحديث عن عجز تجاري مع تركيا له دوافع سياسية .. ويجب مواصلة سياسة الانفتاح”

today07/12/2023 42

Background
share close

قال أستاذ الاقتصاد رضا شكندالي اليوم الخميس 7 ديسمبر 2023، إن “الحديث عن العجز التجاري لتونس مع تركيا له دوافع سياسية أكثر منها دوافع اقتصادية، وهي استمرار للمقاربة المحاسباتية التي انتهجتها كل الحكومات ما بعد الثورة خاصة في ميزانية الدولة وقوانين المالية”.

وأضاف شكندالي في تصريح لبرنامج اكسبراسو “اعتبار أن العجز التجاري لتونس مرتبط أساسا بتركيا هو أمر غير صحيح، لأن العجز مع تركيا يأتي في المرتبة الرابعة بعد الصين وروسيا والجزائر، كما أن القائمة توسعت لتشمل دولا أخرى كانت تونس تحقق فائضا هاما معها من ذلك مصر والبرازيل والسعودية واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها”.

واعتبر محدثنا أن العجز مع تركيا يتراجع شيئا فشيئا حيث كان في حدود 3.4 مليار دينار سنة 2021 قبل أن يتراجع إلى 2.8 مليار دينار هذه السنة، مشيرا إلى أنه تم توقيع الاتفاقية مع تركيا سنة 2004 بهدف إيجاد منطقة تجارة حرة كاملة، حيث يتم اعفاء جميع المنتجات الصناعية من الرسوم الجمركية.

وأضاف “على الرغم من هذا الانفتاح التام مع تركيا كنا نحقق فائضا تجاريا، وتفاقم العجز التجاري ليس مرده الانفتاح وإنما السياسات الاقتصادية التي اتبعتها تونس بعد الثورة عبر ترفيع الضغط الجبائي ونسبة الفائدة، إلى جانب تراجع قيمة الدينار، وهي عوامل انعكست على كلفة المؤسسات الاقتصادية وأثرت على قدرتها التنافسية، حيث أصبحت تروج منتوجاتها في السوق العالمية بكلفة مرتفعة جدا”.

ولفت محدثنا إلى أن المواد التي يتم توريدها من تركيا هي مواد تجهيز، ومواد نصف مصنعة ومواد أولية تحتاجها الصناعة التونسية، مؤكدا أن المواد الاستهلاكية ليست بالحجم الكبير، حيث أنه لا وجود لعجز بالنسبة للمواد الاستهلاكية غير الغذائية.

 

اقتصادنا تبعي على كل الأصعدة

وقال محدثنا “اقتصادنا تبعي على كل الأصعدة حيث يبلغ العجز الطاقي 9 مليار دينار، و3.1 ميار دينار عجز مواد التجهيز،إلى جانب العجز الغذائي ب3.6 مليار دينار بالنسبة للحبوب و2.1 مليار دينار بالنسبة للأدوية”.

وأضاف “في حال الترفيع في الأداءات الجمركية على المواد التركية الموردة، من سيدفع هذه الأداءات؟ إذا كانت هذه المواد الموردة مواد أولية ونصف مصنعة، وهي في الغالب كذلك (القطنيات، مواد البناء….) فهي تكلفة إضافية للمؤسسات التونسية وستزيد في أزمتها وستفقدها أكثر من ذي قبل لتنافسيتها في الأسواق الداخلية والخارجية، حيث ستعكس المؤسسات التونسية هذه الزيادة على مستوى الأسعار في الأسواق الداخلية، وهو ما يعني أن المواطن التونسي هو الذي سيدفع هذه الكلفة الإضافية”.

وتابع قائلا “ستفقد المؤسسات التونسية المزيد من تنافسيتها في الأسواق الخارجية في ظل ارتفاع كلفة الإنتاج، وهذا سينعكس سلبا على الصادرات التونسية في وقت نحتاج فيه أكثر مما مضى إلى العملة الصعبة” وفق قوله.

وبيّن شكندالي أنه “في حال كانت هذه المواد التي ستشهد ارتفاعا في الأداءات الجمركية موادا استهلاكية لها مثيل في تونس، عندها ستتوجه المؤسسات التونسية إلى السوق الداخلية عوضا عن السوق الخارجية، وبالتالي ستعطي السوق الداخلية أفضلية للسلع التونسية المحمية ولا تشجع المؤسسات التونسية على تحسين جودتها حتى تكون أحسن من المنتجات الأخرى ومنها السلع التركية وسنجد في السوق التونسية مؤسسات اقتصادية فاقدة للقدرة على المنافسة ومنتجة لسلع ذات جودة سيئة” وفق تقديرها.

وأضاف “لا يمكن تطبيق السياسة الحمائية إلا في المراحل الأولى للتنمية عندما تكون المؤسسات الاقتصادية ناشئة وتنقصها التجربة، كما أن هذه السياسة ليست ذات جدوى اقتصادية، فهي لا تشجع الصناعة التونسية على الابتكار وعلى تحسين جودة منتجاتها”.

اقتصاد موازي متفاقم بشكل كبير

واعتبر شكندالي أن الاقتصاد الموازي في تونس تفاقم بشكل كبير، قائلا “ما لا يمر عبر المسالك المنظمة، يمر حتما عبر المسالك غير المنظمة وهذا يعني أن السلع خاصة منها الاستهلاكية التي ستشهد ارتفاعا في الأداءات الجمركية والتي تريد تونس أن تقلص من وارداتها عبر المسالك المنظمة ستمر حتما عبر المسالك غير المنظمة، وبالتالي ستفقد الدولة موارد جبائية كانت متأتية من الأداءات الجمركية على هذه السلع”.

وأردف “المقاربة التي اتبعتها الحكومة لاتخاذ مثل هذا القرار هي بالطبع المقاربة المحاسباتية التي لها أثار سيئة على الاقتصاد التونسي، وعندما يتقلص العجز مع بلد ما سيرتفع مع دولة أخرى، لأن الترفيع في الأداءات الجمركية على مواد التجهيز الموردة من تركيا سيدفع المؤسسات الاقتصادية إلى التوجه نحو بلدان أخرى وبالتالي سيتضخم العجز معها ويبقى العجز التجاري العام في نفس المستوى”.

لا بد من اتفاقيات شاملة بدل اتفاقيات التبادل الحر

وأوضح أن الدول التي لتونس فائض معها هي البلدان التي تم إبرام اتفاقيات شاملة معها والتي تشمل الاستثمارات وليس اتفاقيات تبادل فقط، مضيفا “لهذه الدول مؤسسات اقتصادية في تونس تنتج وتصدر لبلدانها وبالتالي يتقلص العجز ويتحول إلى فائض بينما المفاوضات مع تركيا هي فقط حول التبادل التجاري”.

وتحدث شكندالي عما تم تضمينه في الاتفاقية في علاقة بتطوير الاستثمارات عبر عقد قمة تركية تونسية يتم عقدها في اسطنبول في السداسي الأول من سنة 2024 لمحاولة جذب الاستثمارات، متسائلا “هل هناك مناخ أعمال جالب في تونس؟”.

“مناخ أعمال مميت .. ولا فائدة من عقد القمم”

وأضاف “لقد عقدنا عديد القمم في السابق دون أن يكون هناك استثمارات، حيث أن مناخ الأعمال في تونس مميت للاستثمارات، في ظل المعاملات الإدارية والأداءات وغيرها”.

وتابع “الإشكال يكمن في الجانب التونسي، ولن يكون هناك استثمارات حتى في حال عقد القمم”، مبينا أن “الأولوية التي يتعين على الحكومة التونسية القيام بها هي استراتيجية تحسين مناخ الأعمال والتي من شأنها جلب الاستثمارات”.

وشدّد على أهمية هذا الجانب الذي من شأنه أن يدفع تركيا والصين وغيرهما للاستثمار في تونس وبالتالي الإنتاج والتصدير وتحويل العجز إلى فائض.

من الضروري العمل على الأسواق المغاربية والإفريقية

ومن جهة أخرى أبرز أستاذ الاقتصاد أن لتونس فائض هام للغاية مع ليبيا كثالث دولة بعد فرنسا وألمانيا أيضا المغرب والسينغال، قائلا “من الضروري العمل على الأسواق المغاربية والإفريقية، وهو ما سيساهم في تغطية العجز مع الدول الأخرى”.

وأضاف “يجب أن تكون الاتفاقات شاملة وليست للتبادل الحر فقط، ولا بد من تكثيف الاستثمارات الخارجية مع الدول التي لتونس عجز معها، وأيضا العمل على تنمية الفائض مع الدول المغاربية، ونحن ملزمون بالمواصلة في سياسة الانفتاح، حيث أن الإشكال يتمثل في السياسات التي يتم تطبيقها والتي ترهق المؤسسات الاقتصادية على مستوى الكلفة”.

وأكد في ختام مداخلته أن “الاشكال داخلي وغير متعلق بالخارج، حيث أن السياسات الاقتصادية الخاطئة هي أصل الاشكال” وفق قوله.

وللتذكير فقد وقعت تونس وتركيا، يوم الأحد 3 ديسمبر 2023، قرار مجلس الشراكة التونسي التركي في إطار اتفاق التبادل الحر، مما يتيح تحديد قائمة منتوجات صناعية وفلاحية ودفع الاستثمارات التركية في تونس.

وينص الاتفاق على تعديل اتفاق التبادل الحر من خلال إقرار ثلاثة إجراءات أساسية.

 

Written by: waed



0%