Express Radio Le programme encours
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في بيان “اعتبارا من اليوم سنصنّف رسميا هذه الحوادث بما هي عليه في منظور اليوم: إبادة جماعية”.
ورحّب ماس في بيانه بتوصّل ألمانيا وناميبيا إلى “اتفاق” بعد مفاوضات شاقّة استمرّت أكثر من خمس سنوات وتمحورت حول الأحداث التي جرت إبّان الاحتلال الألماني للبلد الإفريقي الذي استعمرته ألمانيا من 1884 إلى 1915.
وقتل المستعمرون الألمان عشرات الآلاف من أبناء شعبي الهيريرو والناما في مذابح اعتبرها العديد من المؤرّخين أول إبادة جماعية في القرن العشرين.
وفي بيانه قال الوزير الألماني إنّه “في ضوء المسؤولية التاريخية والأخلاقية لألمانيا، سنطلب الصفح من ناميبيا ومن أحفاد الضحايا” على “الفظائع” التي ارتكبت في حقّهم.
وأضاف أنّه في “بادرة اعتراف بالمعاناة الهائلة التي لحقت بالضحايا” فإنّ ألمانيا ستدعم “إعادة الإعمار والتنمية” في ناميبيا عبر برنامج مالي قيمته 1,1 مليار يورو، مشدّداً على أنّ هذه الأموال ليست تعويضات على أساس قانوني وأن هذا الاعتراف لا يفتح الطريق “لأي طلب تعويض قانوني”.
وذكرت مصادر مطّلعة على المفاوضات التي أفضت إلى هذا الاتفاق أن المبلغ سيُدفع على مدى ثلاثين عاماً وسيستفيد منه في المقام الأول أحفاد هذين الشعبين.
ولسنوات طويلة سمّمت الجرائم التي ارتكبت خلال فترة الاستعمار الألماني لناميبيا العلاقات بين البلدين.
وقال وزير الخارجية الألماني “لا يمكننا أن نشطب الماضي”، مؤكدا أن “الاعتراف بالخطأ وطلب الصفح هما خطوة مهمة لتجاوز الماضي وبناء المستقبل معاً”.
وفي إطار رغبة ألمانيا في المصالحة، سلمت برلين في 2019 ناميبيا عظام أفراد من قبائل الهيريرو والناما اللتين تعرضتا للإبادة، وطلبت وزيرة الدولة للشؤون الخارجية ميشيل مونتيفرينغ “الصفح من أعماق قلبها”.
واعتبر أحفاد الضحايا والسلطات الناميبية هذه المبادرة غير كافية مطالبين باعتذارات رسمية وتعويضات.
واعترضت ألمانيا مرارا على هذه المطالب، مشيرة إلى ملايين اليورو التي قدمت كمساعدات للتنمية لناميبيا منذ استقلالها في 1990.
واعتبرت أعمال الذاكرة في ألمانيا للفترة النازية نموذجية بشكل عام، لكن تلك المتعلقة بالفترة الاستعمارية في إفريقيا في النصف الثاني للقرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، أهملت لفترة طويلة.
وتمثل قبائل الهيريرو حوالى 7 بالمئة من سكان ناميبيا حاليا في مقابل 40 بالمئة في مطلع القرن العشرين.
وقد حرموا من أراضيهم وماشيتهم وتمردوا في 1904 على المستعمرين الألمان، ما أسفر عن مقتل مئة من هؤلاء المستعمرين.
وعهدت برلين بمهمة إخماد التمرّد إلى الجنرال الألماني لوتار فون تروتا الذي أمر بإبادة المتمرّدين. وبعد سنة واحدة تمرّد شعب الناما ولقي المصير نفسه.
وأسفرت هذه المذابح بين 1904 و1908 عن مقتل ما لا يقلّ عن ستين ألفاً من أبناء شعب الهيريرو وحوالى عشرة آلاف من أبناء شعب الناما.
واستخدمت القوات الاستعمارية الألمانية لإخماد هذا التمرّد تقنيات إبادة جماعية شملت ارتكاب مذابح جماعية والنفي في الصحراء حيث قضى آلاف الرجال والنساء والأطفال عطشاً وإقامة معسكرات اعتقال أشهرها معسكر “جزيرة القرش”.
وأرسلت عظام بما فيها جماجم ضحايا إلى ألمانيا لإجراء تجارب علمية عنصرية.
وكان الطبيب أوجين فيشر الذي خدم في “جزيرة القرش” وأثرت مؤلفاته على أدولف هتلر، يسعى إلى إثبات “تفوق العرق الأبيض”.
المصدر: وكالات.
Written by: Raouia Allagui