الوكالة العقارية الصناعية: نحو إحداث مناطق صناعية ذكية ونموذجية في تونس

أفاد الرئيس المدير العام للوكالة العقارية الصناعية، قيس الماجري، بأن سنتي 2023/ 2024، شهدت رغم الصعوبات العالمية انتصاب شركات عالمية في تونس وحركية في الاستثمار سواء على سبيل التوسعة أو إحداث مشاريع جديدة في قطاعات ذات أولوية وطنية مثل قطاع مكونات الطائرات ومكونات السيارات والقطاع الصيدلاني.

وقال قيس الماجري في تصريح لاكسبراس أف أم: “لاحظنا تركز العديد من المشاريع في مناطق صناعية تابعة للوكالة العقارية الصناعية، على غرار مشروع في المنطقة الصناعية بفحص المرجى بزغوان بطاقة تشغيلية تفوق 2500 عامل على 6 هكتارات، ومشروع في باجة الشمالية وهو في طور البناء المحل الصناعي سيشغل 5 آلاف عامل، ومشروع ياباني في منطقة جندوبة سيشغل 5 آلاف عامل، فضلا عن مشروع في صدد البناء أيضا في مجال اللف والتغليف في المنطقة الصناعية بالقيروان.

وكشف الماجري، أنه سيتم إحداث منطقتين صناعيتين نموذجيتين وصديقتان للبيئة، وهما المنطقة الصناعية المحرس 2 بصفاقس والمنطقة الصناعية رأس المرج بالمنستير.

ويأتي تصريح الماجري على هامش دورة تدريبية للصحفيين حول المناطق الصناعية في تونس، يومي 16 و17 أكتوبر 2024، بمقر الوكالة، مثلت فرصة لاستعراض مختلف مراحل تهيئة المناطق الصناعية، والإطار القانوني الذي ينظم عمل الوكالة، بالإضافة إلى استعراض الآفاق والتوجهات الاستراتيجية المستقبلية، وتم خلالها تنظيم زيارات ميدانية إلى المنطقتين الصناعيتين بالمغيرة وشطرانة.

البيروقراطية وواقع الحفاظ على المناطق الصناعية

يصطدم واقع إحداث مناطق صناعية جديدة بالبيروقراطية وبالتعقيدات الادارية والتشريعية مما يمس من احترام المواعيد النهائية لانجاز الدراسات ومشاريع التهيئة، كما أن تداخل عدة هياكل وإدارات في الدولة لمنح التراخيص اللازمة يؤدي إلى إهدار الوقت الذي يصل إلى سنوات أحيانا.

في جانب آخر ما تزال بعض المناطق الصناعية في حاجة إلى تحسينات من حيث البنية التحتية واللوجستية، وهو ما يعتبر تحديا للحفاظ على مركزها التنافسي إقليميا لجذب المستثمرين، ورغم الدور المهم الذي تضطلع به مجامع الصيانة والتصرف في الاهتمام بها والحفاظ على جودتها فإن نقص التمويل من جانب وعدم تجاوب الادارات العمومية المعنية بالتدخل للصيانة من جانب آخر يعتبر أهم عائق أمام هذه المجامع التي تعمل بتمويلات الصناعيين.

وتجدر الإشارة إلى أن قرابة نصف المناطق الصناعية لا تتوفر بها مجامع صيانة وتصرف، أمّا النصف الآخر فقرابة 50 بالمائة منها متوقف عن النشاط، وهو ما يستوجب وعيا أكبر بأهمية هذه المجامع في الحفاظ على ديمومة المناطق الصناعية.

وتعتبر المجامع الصناعية بكل من المنطقة الصناعية بشطرانة سكرة من ولاية أريانة والمغيرة من ولاية بن عروس أمثلة نموذجية على أهمية هذه المجامع.

*المنطقة الصناعية بالمغيرة

50 سنة من الوجود

احتفت الوكالة العقارية الصناعية في أفريل 2023، بمرور 50 سنة على إحداثها (14 أفريل 1973)، وهيأت الوكالة طيلة هذه الفترة، 115 منطقة صناعية على مساحة تفوق 3 آلاف هكتار، تنتصب بها 6 آلاف مؤسسة، و70 محل تجاري، منها مناطق صناعية في الشريط الساحلي وأخرى في مناطق التنمية الجهوية، وفقا لقيس الماجري.

وقال المجاري: “جهويا كان هناك عدم توازن بين الجهات في تركز المناطق الصناعية، فأغلبها متركز في مناطق الشريط الساحلي على اعتبار القرب من الأطر اللوجستية كالموانئ والطرقات السيارة والمطارات، لكن بعد الثورة كان هناك توجه نحو تطبيق مبدأ التمييز الايجابي وبعث وتطوير مناطق صناعية في المناطق الداخلية.

وبين أن ثلثي مشاريع الوكالة موجهة للمناطق الداخلية حيث أنه تم تهيئة مناطق صناعية وأخرى في طور التهيئة ومناطق ما تزال في طور الدراسات.

توجهات استراتيجية جديدة

كشف قيس الماجري عن التوجهات الاستراتيجية الجديدة للوكالة العقارية الصناعية والتي تهدف إلى مواكبة تطلعات المستثمرين والتوجهات العالمية نحو الاستدامة والمحافظة على البيئة والتحكم في الطاقة وتجهيز المناطق الصناعية بالألياف البصرية والربط بالانترنيت عالية التدفق بهدف خلق مناطق صناعية تنافسية في المحيط الاقليمي لتونس.

وتتمثل هذه الاستراتيجيات في 3 توجات رئيسية، أوّلا مزيد حوكمة المؤسسة وتطوير أساليب العمل، عن طريق انجاح عملية التحول الرقمي، وتكوين الموارد البشرية وحوكمة المؤسسة على أسس النجاعة والتميز والابتكار.

والتوجه الثاني هو تهيئة جيل جديد من المناطق الصناعية تتوفر فيها عناصر الذكاء والاستدامة، وقد تم في هذا السياق إحداث مشاريع نموذجية على غرار الربط بشبكة تنوير ذكية في المنطقة الصناعية بقابس الذي تم تدشينه مؤخرا، وإحداث مشروع الألياف البصرية ببوفيشة والذي سيتم تدشينه قريبا.

وبين قيس الماجري، أن هدف الوكالة الآن هو تهيئة مناطق صناعية نموذجية بالكامل، وسيتم في هذا الإطار إحداث المنطقة الصناعية المحرس 2 بصفاقس والمنطقة الصناعية رأس المرج بالمنستير، وهي مناطق صناعية نموذجية وصديقة للبيئة.

وأبرز حرص الوكالة أيضا في هذا السياق نحو إعطاء جانب الطاقات المتجددة حيزا كبيرا من الاهتمام، من خلال العمل على إحداث مناطق صناعية حاضنة لمشاريع انتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة بهدف التخفيض من كلفة الطاقة للمؤسسات والتقليص ايضا من انبعاثات الكربون.

أمّا التوجه الاستراتيجي الثالث، فيتمثل في ربط شراكات بين المؤسسات والشركات الناشئة والجامعات، من خلال العمل على إحداث مركز التجديد التكنولوجي.

*المنطقة الصناعية بشطرانة

*مروى الدريدي