Express Radio Le programme encours
وأشار وزير التجارة الأسبق والخبير الاقتصادي محسن حسن لدى حضوره في برنامج اكسبرسو، إلى أن الارتفاع غير المسبوق لنسبة التضخم يؤثر على القدرة الشرائية للتونسيين وخاصة منهم ضعاف الحال والطبقة المتوسطة، ويؤثر كذلك على القدرة التنافسية للمؤسسات التونسية.
وأضاف أن الارتفاعات التي تشهدها الأسعار هي السبب الرئيسي في ارتفاع التضخم، ولكن سبب التضخم في تونس هو ارتفاع مؤشر أسعار المواد الغذائية بنسبة 11.9 بالمائة في نهاية شهر أوت 2022، في حين أن نسب التضخم في العالم سببها ارتفاع أسعار المحروقات.
وأشار كذلك إلى ارتفاع مؤشري أسعار المواد المصنعة والخدمات، بنسب كبيرة لتصل نسبة التضخم إلى مستويات غير مسبوقة تقدر بـ 8.6 بالمائة بالنسبة لشهر أوت 2022.
وتوقع محسن حسن أن تصل نسبة التضخم في تونس إلى نسبة برقمين في غضون نهاية سنة 2022، في حال لم يشهد مستوى العرض والتزويد أي انفراج.
وأضاف أنه من بين الحلول المطروحة اليوم هو تفعيل آليات تجديد السياسة النقدية من خلال الترفيع في نسبة الفائدة المديرية، وتساءل إن كانت هذه السياسة محل توافق بين كل الاقتصاديين.
وقال إنه “لا يوجد توافق وتأكد من أن الترفيع في نسبة الفائدة يؤدي حتما إلى التحكم في التضخم ولكن ليس للبنك المركزي آليات كبيرة، إلا الترفيع في نسبة الفائدة للتحكم في سعر صرف الدينار الذي يتطلب موارد كبيرة من العملة الصعبة لعل البنك المركزي غير قادر على توفيرها” وفق قوله.
وأكد أن بلادنا ليست في معزل عما يحدث في العالم، خاصة وأن الاقتصاد التونسي منفتح خاصة على الفضاء الأوروبي الذي سجل في نهاية شهر أوت ارتفاع نسبة التضخم إلى مستوى 9.1 بالمائة مقابل 8.1 بالمائة في شهر جويلية وذلك نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
وقال إن عجز الميزان التجاري سجّل ارتفاعا غير مسبوق نتيجة للتضخم في العالم وارتفاع أسعار المواد الأساسية وارتفاع قيمة مختلف الواردات التونسية، وأشار إلى أن ارتفاع العجز التجاري يتسبب مباشرة في ضغوطات على مستوى ميزان الدفوعات، ويتسبب في تراجع قيمة الدينار.
وأشار إلى أن الدينار التونسي يشهد تراجعا أمام الدولار في حدود 15 بالمائة منذ بداية السنة، وهو تراجع كبير ومحير وفق قوله.
وتحدث محسن حسن عن الأسباب الداخلية والخارجية لارتفاع نسبة التضخم، وأشار إلى أن لجوء الدولة المفرط للتداين الداخلي هو أحد أسباب ارتفاع نسبة التضخم الذي وصل إلى مستويات كبيرة.
كما أشار إلى أن ارتفاع الأعباء المالية والاجتماعية للمؤسسات التونسية بسبب ارتفاع نسبة الفوائد البنكية، يحيل مباشرة إلى الترفيع في كلفة الانتاج التي تؤثر مباشرة على أسعار المنتوجات والخدمات وتؤدي إلى زيادة التضخم.
وأوضح أن التداين الخارجي الذي تمكنت الدولة من تعبئته تم توجيهه مباشرة نحو خلاص خدمة الدين، ولم يقع استغلاله في خلاص واردات تونس من المحروقات والمواد الأساسية.
وأشار محسن حسن إلى عديد الأسباب الهيكلية للتضخم، على غرار ضعف المنافسة وضعف تأهيل مسالك التوزيع والاحتكار والمضاربة، وهو ما يتطلب القيام بإصلاحات هيكلية.
وأفاد محسن حسن بأن سيطرة الدولة على مسالك التوزيع ضعيفة حتى يوجد 24 سوق جملة في البلاد التونسية تسيطر وزارة التجارة على سوق جملة وحيد من بينها وهو سوق بئر القصعة في حين تخضع بقية الأسواق لرقابة البلديات التي لا تقوم بأي مجهود للتحكم في مسالك التوزيع ومراقبتها.
وتحدث عن اشكاليات كبيرة تشهدها منظومات الانتاج مما يتسبب في ضعف الانتاج الوطني، وأشار إلى ضرورة التركيز على الأمن الغذائي التونسي وإرساء حوكمة مثلى للمنظومات الفلاحية.
وقال إن البنك المركزي قام بدوره كما ينبغي في الفترة الأخيرة واستهدف التضخم من خلال الآليات المتاحة لديه، وهي الترفيع في نسبة الفائدة المديرية، رغم أن لهذا الإجراء تأثير سلبي كبير على تمويل الأفراد والأعباء المالية.
وأشار إلى أن كل البنوك اتجهت نحو ترفيع نسبة الفائدة المديرية، ولكن تساءل في المقابل “هل من الممكن مواصلة العمل بهذه السياسات التقييدية أمام الارتفاع المتواصل للتضخم وارتفاع نسبة الفائدة؟”.
وأوضح أن الدولة مطالبة بالقيام بدورها تجاه الفئات الاجتماعية والمؤسسات الصغرى والمتوسطة من خلال دعم نسبة الفائدة سواء بالنسبة للاستثمار أو الاستغلال، وأشار إلى أن المسألة تحتاج إلى تنسيق بين البنك المركزي والحكومة ومختلف الفاعلين الاقتصاديين.
وأضاف أنه من الضروري اتخاذ إجراءات حكومية يكون لها تأثير على المدى المتوسط للتحكم في نسبة التضخم، ودعا الدولة إلى التدخل وتوفير الانتاج الوطني في القطاعات التي تعرف ارتفاعا في الأسعار، كما شدد على أهمية تأهيل مسالك التوزيع.
ودعا إلى ضرورة مقاومة الاحتكار من خلال دعم جهاز المراقبة الاقتصادية وضمان استقلاليته، مضيفا “آن الأوان اليوم للنظر في مخزوننا الاحتياطي وتوفير البنية التحتية لتوفير المخزون الاستراتيجي المهم من المحروقات والحبوب حيث أن طاقتنا التخزينية ضعيفة”، مشددا على ضرورة إرساء شراكة بين القطاعين العام والخاص لتطوير منظومة التخزين.
وقال محسن حسن إن أي زيادة في الأجور اليوم ستتسبب في ارتفاع نسبة التضخم، وهو ما يستدعي ترميم المقدرة الشرائية عبر الترفيع في الطاقة الانتاجية وتوفير العرض، وتسقيف أسعار المنتوجات التي تشهد ارتفاعا كبيرا في الأسعار، قائلا “ماذا تنتظر وزيرة التجارة يجب تحديد كلفة الانتاج الحقيقية وتسقيف الأسعار”.
Written by: Asma Mouaddeb