Express Radio Le programme encours
نظمت “اكسبراس أف أم”، مساء الخميس 20 فيفري 2025، ملتقى حواريّا، حول التعليم في تونس “التحديات، التكامل والآفاق بين القطاعين العام والخاص”، وهي تحديات تفرض إعادة التفكير في العلاقة بين هذين القطاعين، وهل يمكن فعلا الحديث في تونس اليوم عن تكامل وآفاق مشتركة بينهما.
وقد أثرى الحوار عدد من الضيوف في المجال التربوي، وهم وزير التربية الأسبق ناجي جلول، والكاتب العام لجامعة التعليم الثانوي محمد الصافي، ورئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني، والنائب بمجلس نواب الشعب وعضو لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي، فخر الدين فضلون، والخبير في علوم التربية عامر الجريدي، ورئيس غرفة التعليم الخاص زهير المشرقي.
الإصلاح التربوي طال كثيرا
وقد أجمع المتدخلون على أن الإصلاح التربوي طال كثيرا في ظل مؤشرات خطيرة في الواقع على غرار الانقطاع المبكر عن الدراسة وانتشار ظاهرة العنف وتدني المستوى الدراسي، فضلا عن ضعف تكوين المدرسين.
وقد أقرّ الكاتب العام لجامعة التعليم الثانوي محمد الصافي، بغياب إرادة سياسية لاصلاح المنظومة التربوية، مشددا على أن هذا الاصلاح يتطلب آلاف المليارات لإتمامه كما يفترض وجوبا تشريك جميع الأطراف المتداخلة في العملية التربوية وخاصة الطرف النقابي ممثل الأساتذة والمعليمن.
ووصف محمد الصافي، واقع التعليم العمومي الحالي بالكارثي والرهيب، قائلا: “إن الظرفية الحالية تشهد تنصلا من الدولة في إيلاء قطاع التربية ما يستحقه من اهتمام”. واعتبر أن المزايدات السياسية في العشرية السابقة أدّت للواقع الراهن الذي تعيشه المؤسسات التربوية العمومية.
وقال الصافي “إن الاصلاح التربوي أصبح شغلنا الشاغل حيث أصبحت المؤسسات التربوية منفرة والبرامج التعلمية لم تعد تواكب الزمن الراهن فضلا عن استشراء ظاهرة العنف وتدني المقدرة الشرائية للمدرسين.
ولفت إلى انتشار ما وصفه بـ”التعليم الموازي” وارتفاع عدد المدارس الخاصة، مشيرا إلى أنه من سنة 2016 إلى 2020 باركت الدولة انتشار هذه المدارس وأن تفاقمها يعود بالأساس إلى تراجع الدور المنوط بعهدة المدارس العمومية.
وأكد واحب الدولة لإعادة القيمة الاعتبارية للمدرسة العمومية وللمربي.
” نقص في تكوين المدرسين”
من جانبه قدّم وزير التربية السابق ناجي جلول، أرقاما رسمية من الوزارة حول واقع التعليم في تونس، مشيرا إلى أن 55 بالمائة من التلاميذ لا يستكملون تعليمهم الابتدائي قبل سن 16 سنة، و85 بالمائة من التلاميذ يغادرون قبل نهاية الثانوي، وحوالي 25 بالمائة من الشعب التونسي أميين، مشيرا إلى أن هذه النسبة تناقش.
وانتقد ناجي جلول التعليم الخاص في تونس، معتبرا أنه مخالف للدستور، ولا يصبح دستوريا إلا عندما يكون هناك تعليم عمومي جيد وتصبح للولي حرية اختيار التعليم الخاص والدولة في هذه الحالة هي التي تقوم بالتمويل
وتطرق ناجي حلول إلى نقص تكوين المدرسين في التعليم الابتدائي وحتى الجامعي، داعيا إلى ضرورة توطين المعرفة باللغة العربية.
27 بالمائة فقط من التلاميذ يصلون إلى مستوى الباكالوريا
أمّا رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني، فقد تطرق إلى “المؤشرات الكارثية”، في علاقة بقطاع التعليم من ذلك انتشار ظاهرة العنف والانقطاع المبكر عن الدراسة، مشيرا إلى أن 27 بالمائة فقط من التلاميذ يصلون إلى مستوى الباكالوريا، و51 بالمائة من مكونات المجتمع مستواهم لا يتجاوز السادسة ابتدائي، و12 بالمائة لديهم مستوى تعليم عادي، وفقا لتعداد تم انجازه في سنة 2024.
وشدّد الزهروني على ضرورة الانتباه لهذه المعطيات، وأخذها بعين الاعتبار للوصول إلى مؤشرات مقبولة، وفق تعبيره.
وبين الزهروني أن المدرسة تُبنى على المرحلة الابتدائية التي تعتبر أساس النجاح في بقية المراحل، مؤكدا أن المدرسة العمومية يجب أن تكون مصعدا اجتماعيا يضمن تكافؤ الفرص بين الجميع.
ودعا الزهروني إلى ضرورة ايجاد تكامل بين القطاعين العام والخاص، وأن لا يرتبط التعليم بالقدرة المالية للولي، مشيرا في هذا الصدد إلى أن رقم معاملات الدروس الخصوصية في تونس بلغ 3 مليار دينار.
وأكد أن الحل هو إصلاح المنظومة التربوية وإيجاد مدرسة مشجعة على الدراسة وتحاكي ميولات التلميذ.
المجلس الأعلى للتربية
من جانبه تحدث عضو مجلس نواب الشعب فخر الدين فضلون، عن مفارقة وصفها بالغريبة، وهي الحديث عن منظومة تربوية غير مجدية مقابل كفاءات تونسية مطلوبة في العالم وتحقق نجاحا باهرا..
ورأى فضلون أنه لا وجود لصراع بين منظومة تعليم حاص وتعليم عمومي، فكلاهما يؤسس لمنظومة تعليمية تونسية واحدة، قائلا: “بقطع النظر عن جدلية الخاص والعمومي يجب أن ننخرط جميعا في إصلاح المنظومة التعليمية”.
أمّا بالنسبة للمجلس الأعلى للتربية، قال فضلون: “إنه بعد صدور المرسوم المتعلق بهيكلة المجلس في 16 سبتمبر 2024، فإن عملية تركيز المجلس لن تطول، حيث حدد المرسوم تركيبة اللجان والممثلين عن الطرف الاجتماعي، واثر الاعداد الهيكلي والمالي سينطلق المجلس في عمله مهامه وعملية الاصلاح”، وفق تأكيده.
وأشار فخر الدين فضلون، إلى أن المجلس سيعمل على مخرجات الاستشارة الالكترونية حول التربية.
من جهته شدد الخبير في علوم التربية عامر الجريدي، على مسؤولية الدولة في العملية التعليمية، وأهمية الارادة الساسية في جعل التعليم في الصدارة، قائلا: “مازلنا في انتظار كيف سيكون الاصلاح التربوي”.
وتطرق عامر الجريدي إلى أسباب فشل الاصلاح التربوي، والسبيل الأمثل للاصلاح والنجاح.
يدوره أكد رئيس غرفة التعليم الخاص زهير المشرقي أهمية التكامل بين التعليم الخاص والعمومي، وضرورة وضع إطار تشريعي واضح يحترم توازن العلاقة بين التلميذ والمؤسسة وسلطات الإشراف، في إطار علاقة تشاركية بين الجميع.
وتراوحت تفاعلات المواكبين للملتقى الحواري بين تأكيد أهمية التعليم الخاص على اعتبار أنه شريك في العملية التربوية ولم يخلق لغاية ربحية وأن هناك مدارس محترمة، اضافة إلى التطرق إلى الفوارق بين الخاص والعمومي.
كما تطرقت التفاعلات إلى أهمية تشريك التلميذ والطالب في عملية الاصلاح التربوي فضلا عن إرساء تعليم مواكب للتطورات الحاصلة في المجال التكنولوجي..
Written by: Marwa Dridi
الاصلاح التربوي التعليم الخاص التعليم العمومي ملتقى "اكسبراس أف أم