الأخبار

وزير الخارجية: “لا مجال اليوم لإرساء دكتاتورية في تونس”

today01/05/2023 342 2

Background
share close

قال وزير الخارجية نبيل عمار تعليقا على عمل الديبلوماسية التونسية في الفترة الأخيرة، إنه كان “من الضروري شرح الوضع الذي وجدت تونس نفسها فيه بعد العشرية الماضية وهو وضع صعب على كل الجبهات والتونسيون يعرفون ذلك جيداً، لذلك يجب أن نُطلع الرأي العام الغربي وشركاءنا، على خصوصيات وتفاصيل هذا الوضع، لأن الرأي العام له تأثيرعلى مواقف القادة ولا بد من استثمار ذلك، حتى لا يكون خطاب المسؤولين بالدول الشريكة هو الخطاب الأوحد”.

“لا مجال اليوم لإرساء دكتاتورية في تونس”

وأضاف وزير الخارجية نبيل عمار في حوار مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء أنه “كان لا بد من توضيح الأمور بشأن الصعوبات وخيبات الأمل التي مررنا بها منذ 2011 وكذلك الإحباطات التي أفرزت وعيا لدى التونسيين بالوضع الحرج وإرادة بأن يقرروا مصيرهم بأنفسهم ويتمسكوا بانتظاراتهم، ومن الطبيعي أن يُعبر الشعب عن غضبه وألا يكون راضيا عن الوضع، بعد عقد اتسم بركود المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية”.

وقال الوزير “في 25 جويلية 2021 عبّر التونسيون عن غضبهم وأعربوا عن دعمهم لرئيس الجمهورية، قيس سعيّد الذي قرّر تولي زمام الأمور بنفسه. أنا شخصياً مقتنع بسلامة المسار الذي أطلقه رئيس الدولة وقد صوّت الشعب التونسي بأعداد كبيرة لصالح الرئيس قيس سعيد الذي لم يسمح بانحلال الدولة”.

وأقر بأن الدبلوماسية التونسية لم تواكب لسوء الحظ هذا الزخم مع أنه كان عليها الرد بسرعة للدفاع عن خيارات تونس وتجنّب أي سوء فهم في الخارج لما يحدث هنا” وفق قوله.

وأضاف “طالما نحن مقتنعون بخياراتنا، فإننا لا نولي اهتماما لخطابات البعض، لأن تونس بصدد ممارسة حقوقها والدفاع عنها .. لم نعد في المشهد الذي كان سائداً قبل عام 2011… لا مجال اليوم لإرساء دكتاتورية في تونس .. كما أن التونسيين لن ينتظروا أي شخص، أو شريك، للدفاع عن حرياتهم، وإذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات”.

“انتقادات لا أساس لها من الصحة تُضرّ بصورة تونس”

وأكد أنه من الواجب “أن يُدرك التونسيون الرهانات الحالية والمسألة اليوم تتعلق بتنشيط اقتصاد البلاد .. لدينا مزايا كبيرة ورأسمال بشري لا يستهان به؛ والوقت الآن مناسب لاستثمار ذلك وهذا الشرط لا بد من توفّره لتحقيق النجاح”.

وقال إن “بعض الأصوات المتنافرة التي كانت في السلطة لأكثر من 11 عامًا، استفادت طيلة تلك الفترة من دعم غير مسبوق من قبل شركاء تونس، دون تحقيق نتائج، واليوم اختار أصحاب تلك الأصوات مقاطعة الاستحقاقات الانتخابية وهم بذلك حرموا أنفسهم من أخذ الكلمة بشكل شرعي .. كما أن الانتقادات التي لا أساس لها من الصحة، تُلحق الضرر بصورة تونس وتؤدي إلى فقدان شيء من الإشعاع الذي كان باستطاعة البلاد أن تحققه على المستوى الدولي”.

وتساءل نبيل عمار “أي أخلاق يتمتعون بها عندما يطلبون الدعم من الخارج، في حين أن بلادهم حرة ومنفتحة…؟”، مضيفا “التونسيون مهما كانت اتجاهاتهم، مطالبون اليوم بإبراز تضامنهم وتماسكهم وبأن يتوافقوا حول الأساسيات، لأننا نعيش في لحظة حاسمة ومصيرية وعلى كل التونسيين أن يدركوا الرسالة ويستوعبوها ولهذا السبب يجب أن نردّ وأن نرفع أصواتنا وندافع بوضوح عن مواقفنا”.

“اليوم نحن متهمون بالعنصرية، وهذه مكيدة”

وفيما يتعلق بمسألة الهجرة غير النظامية، أكد وزير الخارجية أن إيطاليا والإتحاد الأوروبي وشركاء تونس عامة، يُدركون جيدًا أن الهجرة غير النظامية تفوق قدرة دولة واحدة، وخاصة تونس، باعتبار أن هذه الظاهرة عالمية، مضيفا أن تونس معنية بهذه المسألة، من وجهة نظر جغرافية، لأنها تقع في الطريق التي يسلكها المهاجرون غير النظاميين للعبور إلى الضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط، لكنها مع ذلك ليست في قلب هذه الديناميكية.

وأشار الوزير إلى أننا “أكدنا لشركائنا أن حل هذه المشكلة يجب أن يشمل جميع البلدان المتضررة من هذه الظاهرة وهم مطالبون بالتنسيق لمكافحة الاتجار بالبشر ومن ثمة مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية”.

وأوضح أنه تطرق يوم الخميس الماضي (27 أفريل)، مع المفوضة الأوروبية المكلفة بالهجرة والشؤون الداخلية والمواطنة، إيلفا جوهانسون، لهذه المسألة وقد ثمنت بالمناسبة التعاون القائم مع تونس، كما أبلغ المفوضة الأوروبية أن “وسائلنا محدودة من أجل التصدي لهذه الظاهرة، حتى لو بذلنا أقصى ما بوسعنا من جهود في سبيل تحقيق ذلك، كما أن تونس تقوم بكل ما يمكنها فعله وأكثر، وذلك بوسائلها المحدودة”.

وأشار نبيل عمار إلى أن “بعض الدول (لم يذكرها) ترفض، على سبيل المثال، القيام بعمليات إنقاذ للمهاجرين في البحر، بينما تونس لا تتردد في فعل ذلك… إذا تمكن شركاؤنا من توفير المزيد من الوسائل فيمكن تحقيق نتائج أكبر والحل الحقيقي على المدى القصير والمتوسط، ​​هو مساندة الاقتصاد التونسي حتى يستعيد عافيته”.

وتحدث عن إعداد برامج مع الاتحاد الأوروبي، حول ظاهرة الهجرة والتي أثبتت جدواها، ولكنها بقيت محدودة، داعيا إلى تصور آفاق جديدة في هذا الصدد.

وأضاف وزير الخارجية أنه وعلى الرغم من وجوب إعادة النظر، من قبل جميع الأطراف، في ظاهرة الهجرة غير النظامية، “إلا أنه لا توجد خلافات في وجهات النظر بين تونس والاتحاد الأوروبي، حول هذه القضية .. وقد عبّر هذا الاتحاد عن مخاوفه إزاء مواجهة هذه الظاهرة وهي مخاوف تتقاسمها تونس مع دول الإتحاد الأوروبي باعتبارها أصبحت بدورها مقصدا للذين يعتزمون الهجرة بشكل غير نظامي… وعلى الرغم من أن البعض يتهمنا بأننا شرطي أوروبا ويتهمنا بالعنصرية، فإن تونس تبقى شريكًا موثوقًا به”.

وأضاف الوزير “لقد كان التونسيون على مر العصور، توّاقين إلى الحرية والكرامة، وهي قيم نقلوها إلى القارة الأفريقية واليوم نحن متهمون بالعنصرية، إنها مكيدة”.

“الرسائل الصادرة عن بعض شركائنا لا تساعد تونس”

وأكد الوزير أن المفوضة الأوروبية للهجرة وللشؤون الداخلية والمواطنة، جدّدت التزام الاتحاد الأوروبي بدعم تونس وعبّرت عن تضامن وجاهزية الطرف الأوروبي لتقديم الدعم الملائم لتونس، بما يفضي إلى تعزيز قدراتها الوطنية لمجابهة تنامي ظاهرة الهجرة التي تتجاوز حدود كل الدول.

وأوضح أنه تم مناقشة ذلك بشكل معمّق، خلال لقاء بين الطرفين، حول التعاون بين تونس والاتحاد الأوروبي وأكدت المفوضة بالمناسبة أن الحلول الحقيقية لمجابهة الهجرة غير النظامية، تكمن في دعم الاقتصاد التونسي للمساعدة على بقاء المهاجرين في بلدانهم، كما دعا الوزير إلى تعزيز قدرة الاقتصاد التونسي بما يقلّص من تدفّق مهاجرين محتملين من تونس وتمكينهم من فرص عمل في بلدانهم.

وأشار إلى أن زيارة المسؤولة الأوروبية هي الثالثة من نوعها إلى تونس وتعكس التزاما سياسيا أكبر من مجموعة الـ 27 تجاه تونس وتندرج في إطار شراكة استراتيجية بين الاتحاد الأوروبي وتونس.

وأضاف الوزير أنه أكد خلال لقائه مع المفوضة الأوروبية “أن الرسائل الصادرة عن بعض شركائنا بشأن انهيار محتمل للاقتصاد التونسي، لا تساعد تونس خاصة في الظروف الراهنة… كما قلت لممثلة الاتحاد الأوروبي إن كل هذه الرسائل السلبية والمشككة ليس من شأنها مساعدة الاقتصاد التونسي، بل هي تغذي كل الآفات ومن بينها الهجرة غير النظامية وبالتالي فإن مساعدة الاقتصاد التونسي، في حد ذاته، شكل من أشكال مكافحة الهجرة غير النظامية”.

كما أشار إلى أن “الاقتصاد التونسي تأثر سلبا من هذه التصريحات كما أن هذه التصريحات تلقى صدى ضئيلا لدى الرأي العام في تونس، خاصة بعد العشرية الماضية وهي تعيق جهودنا الرامية إلى إصلاح اقتصادنا وهذا لا يخدم مصلحة شركائنا أيضا… وراء هذه التصريحات الصادرة عن بعض المسؤولين الغربيين، هناك طموحات سياسية وانتخابية وكذلك رغبة في استمالة الرأي العام الوطني في بلدانهم وناخبيهم هناك وخاصة مع اقتراب الفترات الإنتخابية”.

ودعا الوزير إلى ضرورة “معالجة ملف الهجرة غير النظامية، وفق مقاربة شاملة ولايمكن أن يتم التعامل معه فقط، انطلاقا من حزمة إجراءات أمنية وبالتالي لا بد من التعامل مع هذا الملف حسب مقاربة متعددة الأبعاد ونحن لدينا في الوقت الحالي برنامج مع الاتحاد الاوروبي ولكن يجب العمل على تعميقه ومزيد تطويره”.

واعتبر أن زيارة المسؤولة الأوروبية، شكلت فرصة متجددة، لبناء شراكة فعالة لمكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر، وأن المسألة متعلقة بتعزيز قدرات تونس على حماية حدودها البحرية وحدودها الجنوبية وتكثيف التعاون القضائي والأمني والتعاون مع الوكالات الأوروبية، على غرار ذراع العدالة للاتحاد الأوروبي “أوروجاست” و”الأوروبول” والتحسيس بمخاطر الهجرة غير النظامية، من خلال حملات إعلامية سيتم إطلاقها خلال شهري ماي وجوان 2023 وهي ممولة من الاتحاد الأوروبي.

“كما اتفق الجانبان على تعزيز التعاون في مجال حماية وضمان عودة المهاجرين غير النظاميين التونسيين، بفضل دعم متزايد من الاتحاد الاوروبي لتيسير العودة الطوعية للمهاجرين”.

“ليست غايتنا التحديد من هجرة الأدمغة”

وفيما يتعلق بتعبير تونس والإتحاد الأوروبي عن إرادة مشتركة من أجل بناء شراكة بينهما في مجال تنقل الكفاءات والمهنيين المؤهلين، من خلال فتح آفاق إضافية للتكوين المهني والتشغيل وعبر توطيد مجابهة الإتجار بالبشر والهجرة على الصعيد المشترك، أكد نبيل عمّار أن هناك إرادة مشتركة من أجل بناء شراكة في مجال التصرف في الكفاءات، لدفع الهجرة النظامية بما يخدم مصالح الطرفين وذلك بالأخذ في الاعتبار حاجيات الجانبين وكذلك بما فيه مصلحة بعض القطاعات والمهن التي يتم تحديدها بشكل مشترك، قصد الوصول إلى الحل الملائم والمناسب لتلافي مخاطر “هجرة الأدمغة”.

وأوضح أنه سيتم في هذا الإطار، تنظيم مائدة مستديرة بمشاركة مختلف الأطراف الفاعلة والمعنية، خلال شهر ماي 2023، في سبيل تحديد وبلورة ملامح هذه الشراكة وفحواها.

وأضاف “نحن نرى أنه من المهم أن تبقى كفاءاتنا في تونس وأن تسهم كذلك في تنمية الاقتصاد التونسي وعلينا ألا ننسى أن كفاءاتنا تم تكوينها بفضل قدراتنا الذاتية وقد كلّف ذلك تونس باهظا… ليست غايتنا التحديد من هجرة الأدمغة وإنما عقد اتفاقات مع الاتحاد الاوروبي في إطار شراكة مربحة للطرفين، لكن إلى غاية اليوم لا توجد حصص كما أن المفاوضات ما تزال في مرحلة التقييم والتقديرات على المستوى النوعي ولم يتم بعد تحديد المجالات التي يمكن التعاون بشأنها”.

Written by: Asma Mouaddeb



Logo Express FM
0%