بلاغات

مايكل فيليب كراكنال .. رسالة تأبين

today12/07/2024 4

Background
share close

توفي مايكل كراكنيل، أحد مؤسسي منظمة أندا العالم العربي، في تونس في 4 جويلية 2024. لكنه ترك شرارة في قلوب كل الذين عرفهم بصفة شخصية أو مهنية, لن تنطفئ.

دراسات ودبلومات في السياسة والتنمية، ودكتوراه في القانون الدولي من جامعة تولوز الفرنسية، ومسيرة مهنية كأمين عام للاتحاد الدولي للمنتجين الزراعيين ثم كمستشار في مؤسسات التنمية الدولية، أسفار مهنية إلى أكثر من 80 دولة. ما يكفيه ليقرر بأن يقضي حياته في الأحياء الأنيقة بلندن وباريس وروما التي أحبها كثيرًا. لكن مايكل استجاب لنداء آخر، وهو ممارسة القيم التي تدعو إلى عالم أكثر عدلا وشمولاً، خاصة عندما يتعلق الأمر بدعم الفئات الأكثر تهميشاً لتحسين ظروفهم المعيشية من خلال التحرر الذاتي والتمكين.

في عام 1989، أنهى مايكل وزوجته أسماء بن حميدة وضعا حدا لحياتهما المهنية كمستشار وكصحفية لدى الأمم المتحدة في روما وجنيف ليعودا إلى تونس. حاملين في حقائبهما مئات الوثائق والكتب عن التنمية المستدامة والبيئة والنظام الاقتصادي العالمي الجديد … وفي رأسيهما حلم إطلاق مشروع تنموي يضع كل المفاهيم والنظريات التي تم التبشير بها في العواصم الغربية وجامعات العالم الثالث موضع التنفيذ ويساهم في إحداث تحول إيجابي في المجتمع وتحسين ظروف عيش التونسيين الأكثر هشاشة.

هكذا نشأت “أندا” العالم العربي” في عام 1990. فكانت بداية مرحلة جديدة من حياة مايكل اتسم معظمها بالنجاحات، وأحيانا خيبات عرفها هذا الرجل الذي ولد بلندن عام 1940 في ذروة الحرب العالمية الثانية. تربى في طفولته على قيم سليمة مثل العمل الجاد واحترام الآخرين والتسامح والحفاظ على البيئة والطبيعة.

لم يتوقف مايكل أبدا, كان ذلك بصفته أحد مؤسسي المنظمة أو كرئيس مجلس ادارتها عن دعم المبادرات الريادية لوضع هذه القيم حيز التنفيذ: مشاريع البيئية، فضاء 21 في حي التضامن، إطلاق القروض الصغرى في تونس، إنشاء مؤسسة أندا تمويل و “إندا تاو”، وأكاديمية أندا لتعزيز ريادة الأعمال، وهي إنجازات تشهد على التزامه الثابت تجاه المؤسسة وتجاه البلد والعالم الثالث ..

أما على الصعيد الدولي، فقد ساهم مايكل بلا كلل في الدفاع عن التنمية المستدامة وتعزيزها من خلال المؤتمرات التي نظمها في تونس بالتعاون مع مؤسسة إندا للتمويل الأصغر في العالم العربي من خلال بعث شبكة سنابل للتمويل الأصغر في عام 2002. لم يكن مايكل, الانسان المتواضع, ينصح بالتضامن والمساعدة المتبادلة فحسب، بل كان يعيشها كل يوم.

فقد كان تواضعه مثالاً يُحتذى به، وكان قادرًا على أن ينقل إلى كل من اعترض طريقه القيم الأساسية المتمثلة في احترام الجميع والتعاطف معهم، مهما كان أصلهم أو مستواهم الاجتماعي أو دينهم.

كما أن شغفه بحماية البيئة كان رائعًا أيضا. كان مايكل يؤمن إيمانًا راسخًا بأن كل بادرة مهما كانت صغيرة يمكن أن تساهم في الحفاظ على كوكبنا. فقد أمضى حياته في التوعية بأهمية احترام بيئتنا وحمايتها، وضرب لنا مثالاً يحتذى به في كيفية دمج الممارسات المستدامة في حياتنا اليومية.

لا يمكن بأن ننسى كلماته التي تذكرنا يأننا في خدمة الفئات الضعيفة ولا يجب علينا بأن نتهاون في العمل. فتمسّكه بسيادة أندا، وسيادة تونس، دفعه إلى أن يكون حازمًا لا يهادن كلما تم الاخلاء على هذا المبدأ. فكم من مرة رفض التفاوض مع بعض الممولين الأجانب الذين يأتون بأجنداتهم وشروطهم الخاصة لتمويل مشاريع لا تتوافق مع احتياجات بلادنا.

وقد ساعد مايكل في تكوين وتأطير أكثر من 2000 موظف من موظفي “أندا”، معظمهم من الشباب المتخرجين من الجامعات التونسية ومعظمهم من المناطق المحرومة.

سيظل الكثيرون منهم يتذكرون ملاحظاته ونصحه ولكن قبل كل شيء النكت التي كانوا يستخدمونها في كل اجتماع تقريبًا. وكما هو معروف على مايكل من دعابة وخفة روح، دعانا مايكل في رسالته بعد وفاته، وبلمسة من الفكاهة والمرح، إلى أن لا نبكي فراقه، بل أن نرقص ونغني وحتى أن نتبادل النكت والفكاهة.

شكرا لك يا مايكل على إخلاصك لتونس وللتونسيين!

Written by: waed



0%