إقتصاد

“الحكومة خيّرت تسديد الديون الخارجية على حساب تحسين معدلات النمو وخلق الثروة”

today01/11/2023 70

Background
share close

قال استاذ الاقتصاد رضا الشكندالي اليوم الأربعاء 1 نوفمبر 2023، “استغرب عملية المصادقة على قانون المالية التعديلي لسنة 2023 دون الدخول في التفاصيل التي تعد مهمة جدا”.

وأضاف الشكندالي في تصريح لبرنامج ايكوماغ “التعديل الذي حصل في ميزانية الدولة هذه السنة كلّف المجموعة الوطنية مبلغا ماليا مرتفعا للغاية في حين أن تونس في حاجة إلى نوع من الترشيد على مستوى الانفاق”.

وتابع قائلا “هناك زيادة في حجم الميزانية هذه السنة مقارنة بالسنة الماضية ب12.2 مليار دينار، وهو ما لم يحدث منذ الاستقلال إلى الآن، حيث لم تقم أي حكومة بزيادة هذا المبلغ المرتفع، والزيادة الوحيدة كانت في حكومة الفخفاخ خلال فترة الكوفيد بقيمة 6.4 مليار دينار”.

واعتبر الشكندالي أن نتائج زيادة هذا المبلغ الكبير يفترض أن تكون جيدة “لكنها كانت مخيبة للآمال”، حيث تراجعت نسبة النمو الاقتصادي من 2.2 بالمائة سنة 2022 إلى 0.9 بالمائة سنة 2023، كما أن عديد المؤسسات اغلقت، والكثير أحيل على البطالة إلى جانب بعض المشاكل والركود الاقتصادي الكبير والتضخم المالي الذي ارتفع من 8 إلى 10 بالمائة، علاوة على زيادة حجم الدين العمومي من 114 إلى 127 مليار دينار، وارتفاع الاقتراض الخارجي من 7.4 مليار دينار سنة 2022 إلى 10.6 مليار دينار سنة 2023، وزيادة الهبات بأربع مرات من 354 مليون دينار إلى 1537 مليون دينار.

 

“خطاب التعويل على النفس غير صحيح”

وأضاف محدثنا “الخطاب الذي يفيد بأننا عولنا على أنفسنا في 2023 غير صحيح لأن حجم الديون الخارجية ازداد وتكلفة هذه الديون كانت أكثر”، مضيفا “لم نقترض من صندوق النقد الدولي لكن اقترضنا من مؤسسات أخرى بنسب فائدة عالية جدا والدليل زيادة حجم الاقتراض الخارجي ب3.2 مليار دينار”.

ولفت إلى أن السبب الحقيقي لتراجع النمو ليس الجفاف وتراجع الانتاج الفلاحي الذي أثر على النمو الاقتصادي كما أبرزته وزيرة المالية، وإنما بالنظر إلى “تفضيل الحكومة للتوازنات المالية الخارجية وتسديد الديون الخارجية على حساب تحسين معدلات النمو الاقتصادي وخلق الثروة”.

وأردف “السبب الرئيسي لانهيار معدلات النمو هو أن البنك المركزي خيّر المحافظة على الموجودات من العملة الصعبة وتسديد الديون الخارجية على انفاقها في توريد المواد الأساسية والتنمية وخاصة في توريد ما يلزم الاقتصاد الوطني من المواد الأولية ونصف المصنعة”.

وبيّن أن عدم توفر المواد الأولية ونصف المصنعة للمؤسسات لخلق الثروة خلق انكماشا على مستوى الاستثمار وتراجعا في الثروة الوطنية، قائلا “من دون مواد أولية ونصف مصنعة لا يمكن خلق الثروة”.

وأوضح ضيف ايكوماغ أنّ “تحسن العجز التجاري خلال الأشهر التسعة الأولى هذه السنة مرده تراجع الواردات ب3.7 بالمائة، حيث تراجعت المواد الأولية ونصف المصنعة ب6 بالمائة”.

 

“فضّلنا منطق التوازنات الخارجية وتسديد الديون على الاقتصاد الحقيقي”

وأضاف “فضّلنا منطق التوازنات الخارجية وتسديد الديون على الاقتصاد الحقيقي والتكلفة كانت الاقتصاد الحقيقي، ولا فرق بين هذه الحكومة والحكومات ما قبل 25 جويلية والتي كانت توجه خطابها إلى الخارج بتحسين العجز وتسديد الديون وهو خطاب يرضي المؤسسات الدولية”.

وشدّد على ضرورة توجيه الخطاب إلى الداخل عبر خلق الثروة والنمو الاقتصادي وتقليص التضخم المالي، مبينا أنّ “كلفة الخيار على مستوى تسديد الديون الخارجية كانت كبيرة جدا”.

وأكّد أن “الحكومات لا تمتلك رؤية اقتصادية واضحة” مشيرا إلى أن الاصلاح على مستوى الوظيفة العمومية موجود على مستوى قانون المالية التعديلي وقانون المالية لسنة 2024، ومن بين الأهداف تقليص كتلة الأجور من الناتج المحلي الاجمالي.

 

” الحكومة تنتهج سياسات أخرى مختلفة تماما عن الخطاب الرسمي”

كما تحدث عن خطاب رئيس الجمهورية الذي يؤكد فيه ضرورة التعويل على الذات، قائلا “هو خطاب جيد جدا في حال بلورت الحكومة هذه الأفكار وتناغمت معها، وهو أمر ممكن بشرط وجود رؤية اقتصادية واضحة، غير أن الحكومة تنتهج سياسات أخرى مختلفة تماما عن الخطاب الرسمي”.

وتابع قائلا “هذه الحكومة لا تعرف إلى أين تريد الوصول، ولا بد من رؤية اقتصادية واضحة تحدد فيها الأهداف، كما يجب أن يتناغم الخطاب مع الخطاب الرسمي لرئيس الجمهورية ولابد أن يوجه إلى الداخل” وفق تأكيده.

 

“تواصل تراجع قيمة الدينار مقابل الأورو”

وأوضح أنه على الرغم من تحسن أغلب المؤشرات المالية إلا أن أهم مؤشر مالي هو قيمة الدينار التونسي أمام الأورو والذي تراجع إلى غاية 30 أكتوبر 2023، ب2.3 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من 2022، من 3.28 دينار إلى 3.36 دينار، مؤكدا أهمية هذا المؤشر بالنظر إلى انعكاسه المباشر على مستوى التضخم المالي.

وقال الشكندالي “مؤشرات الاقتصاد الحقيقي هي الأهم، وفي حال مواصلة تقليص واردات المواد الأولية ونصف المصنعة فسيؤدي ذلك إلى اغلاق مزيد من المؤسسات وتراجع النمو الاقتصادي وزيادة البطالة وبالتالي تراجع الموارد الجبائية بشكل كبير بما من شأنه أن يفاقم عجز ميزانية الدولة، ويجبر البلاد  على التوجه نحو الاقتراض بشروط صعبة جدا أمام المؤسسات الدولية وإن مكنها ترقيمها السيادي تقترض من الأسواق المالية الدولية بتكلفة عالية”.

وأكد محدثنا أنه سيتم خلال سنة 2024 تسديد ديون كبيرة جدا، معتبرا أن “المواصلة في نفس السياسة سيضرب الاقتصاد الحقيقي ويؤدي إلى تراجع النمو وسيتسبب في انعكاس سيئ جدا على مستوى التوازنات داخليا وخارجيا”.

 

 

Written by: waed



0%