الأخبار

الصغيّر: تونس خسرت 160 ألف ناشط في القطاع الفلاحي خلال عقدين

today17/06/2022 85

Background
share close

 كشف مدير الانتاج الحيواني بالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، منور الصغيّر، اليوم الجمعة 17 جوان 2022، أنّ القطاع الفلاحي التونسي خسر خلال عقدين، من سنة 1994 الى سنة 2014، نحو 160 ألف ناشط فلاحي، بما يترجم المعضلة الكبيرة التي تواجهها الفلاحة التونسية التي باتت قطاعا منفرا وغير جاذب خاصة بالنسبة للشباب.

وأوضح الصغيّر، في تصريح لـوكالة تونس إفريقيا للأنباء على هامش مشاركته في الملتقى العلمي الذي نظّمه ديوان تربية الماشية وتوفير المرعى حول “أسباب عزوف الشباب عن ممارسة الفلاحة وتاثيرات العوامل الديموغرافية والبشرية على مستقبل الفلاحة في تونس” ان هذا العزوف يرجع بالأساس إلى اسباب اقتصادية تتمثّل في ضعف مردودية النشاط الفلاحي، وصعوبة النفاذ الى الموارد المالية (قروض ومساعدات)، وضعف دعم الدولة للقطاع الفلاحي، بالاضافة الى تقهقر الموارد الطبيعية بما فيها نوعية التربة وندرة المياه في علاقة بالتغيرات المناخية.

ولاحظ أن عزوف الشباب عن الاقبال على القطاع الفلاحي يرجع كذلك إلى أسباب اجتماعية تتلخص في اقتناع الشباب بان الفلاحة لا تؤمن لهم حياة كريمة، وأن ممتهنيها يعيشون في مستوى متدن جدا باعتبار ضعف مردوديتها رغم مشقة العمل الفلاحي وموسميته.

وشدّد مدير الانتاج الحيواني بالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، منور الصغيّر  بخصوص الحلول الممكنة لمجابهة هذا العزوف، انها مرتبطة اساسا بوضع سياسة فلاحية واضحة المعالم تشجّع الشباب، وفيها ما يكفي من التحفيزات التي لاستقرار الشباب في اراضيهم ومزارعهم خاصة وان القطاع يبقى من القطاعات الواعدة وقطاعا ذا صلابة وقدرة على الصمود في فترة الازمات وآخرها جائحة “كورونا” التي لم تتجاوز نسبة تأثيرها في القطاع 20 بالمائة مقارنة ببقية القطاعات وفق دراسات تونسية ودولية.

وأوضح، في ذات السياق، أن المطالبة بتطوير دعم الدولة للقطاع الفلاحي مردّه معطيات موضوعية ابرزها اهمية القطاع في تحقيق الامن الغذائي وبعض المقارنات لسياسات دعم الفلاحة المعتمدة في بلدان الجوار وعلى مستوى الاتحاد الاوروبي، حيث تفوق نسبة دعم الفلاح سنويا في الاتحاد الاوروبي 1055 دينارا للهكتار (332 اورو)، بينما لا تتجاوز في تونس 45 دينارا للهكتار، مبينا أن إجمالي دعم الدولة للفلاحة يصل سنويا الى 225 مليون دينار بينما تقدّر الاقتطاعات الموظّفة على القطاع الفلاحي بـ250 مليون دينار سنويا وهو ما يترجم الخلل الكبير في سياسات الدعم.

وأبرز، من جهة أخرى، أن الاشكالية تزداد عمقا بتحليل ظاهرة عزوف الشباب باعتماد التوزيع الجغرافي، اذ أن دراسات الاتحاد والمنظمات الدولية تبين أن العزوف يبرز خاصة بمناطق الشمال الغربي والوسط الغربي وهي مناطق فلاحية بالاساس (توفر المياه والاراضي الزراعية الخصبة) إلا أن نسبة بطالة الشباب فيها تفوق 30 بالمائة.

 

من جهته، أشار المدير المركزي بديوان تربية الماشية وتوفير المرعى ورئيس اللجنة التنظيمية للملتقى العلمي، رضا الحسومي، إلى أن القطاع الفلاحي يمر بمشاكل جوهرية عميقة تشمل البعد الديمغرافي والاقتصادي، والذي يبرز بالخصوص في ارتفاع تكلفة الانتاج (المدخلات الفلاحية، وغلاء الاعلاف التي تضاعفت أسعارها من 500 دينار لـلطن الواحد السنة 2010 الى 1600 دينار حاليا)، بالاضافة إلى ارتفاع تكلفة اليد العاملة التي تطوّرت من 10 دنانير يوميا إلى أكثر من 30 دينارا.

وأوضح، بخصوص المؤشرات الديمغرافية والبشرية، أنها تبرز بالخصوص في عزوف الشباب، وتفضيلهم للتوجه إلى القطاعات الخدماتية، أو للهجرة غير النظامية، أو الاقتصاد الموازي، مبرزا أن معدل سنّ الفلاح الذي ما يزال يمارس النشاط الفلاحي في تونس هو في حدود 55 سنة ومعدل سنّ مربي الماشية في حدود 58 سنة، وأكثر من 70 بالمائة من اليد العاملة الفلاحية تفوق أعمارهم 60 سنة من بينهم نحو 500 ألف امرأة ريفية هن اليوم العمود الفقري للانتاج الفلاحي في تونس.

وشدّد رضا الحسومي على أن طرح هذه الاشكالية اليوم “يتضمّن رسالة لسلطة الاشراف للتفطّن لخطورة اشكاليات الفلاحة التونسية والذي يهدّد، وفق تصوّره، بخطر كبير خلال الـ5 او 10 سنوات القادمة في ظلّ تواصل هجرة القطاع الفلاحي، خاصة وأن ما بين 10 و15 ألف شخص من مناطق الشمال الغربي والوسط الغربي يهجرون أراضيهم إلى ولايات الساحل أو إقليم تونس الكبرى.

وبيّن أنه على الدولة اليوم ايجاد الحلول لتثبيت السكان والفلاحين الشبان بمناطقهم إما ببرامج للدعم، او باسناد هبات وحوافز لممارسة النشاط الفلاحي، مع توفير مستلزمات العيش الكريم من طرقات وتيار كهربائي، وانترنات، وماء صالح للشراب.

وشدّد، الحسومي من جهة أخرى، على ضرورة أن تطوّر الادارة التونسية أساليب عملها، وأن تكون محفّزا للتنمية، وتسهل النفاذ إلى التمويلات والحوافز باعتماد كراسات الشروط بدل التراخيص خاصة وأن ما بين 70 و 75 بالمائة من الشباب الأقل من 35 سنة لا يعملون في المجال الفلاحي، وهو ما يستدعي وضع برامج عاجلة لايقاف هذا النزيف.

وحذّر، في ذات السياق ، من اشكاليات التشتت العقاري، وتوجيه الأراضي للبناء الفوضوي الذي بات يهدد اليوم نحو 800 ألف مستغلة فلاحية (520 الف مستغلة فلاحية وفق اخر احصاء لسنة 2014)، زد عليها تغيير صبغة عدد من الأراضي الفلاحية لتركيز مناطق صناعية كحل ظرفي للاشكاليات الاقتصادية والاجتماعية.

وات

Written by: Zaineb Basti



0%