Express Radio Le programme encours
وأضاف أن “البلد الذي يريد أن يكون عضوا فاعلا ضمن مجموعة “بريكس” ، لا بد أن تتوفر لديه نسبة نمو عالية بما يجعله يسهم بالفعل في دفع ركائز قوة المجموعة اقتصادي، ما يعني أن البلدان الضعيفة اقتصاديا على غرار تونس، لا يمكنها أن تلتحق بالمجموعة في أفضل الحالات إلا كبلد ملاحظ”.
وأشار إلى أن “الجزائر تمتلك، في المقابل، حظوظا أوفر من تونس بما لديها من عوامل قوّة للالتحاق بهذه المجموعة وهو النفط والغاز المطلوب بقوة من الصين والذي يمكن أن يكون سلاحا مهما في ظل الصراع في أوكرانيا”.
وأضاف أن “الاتفاق الجزائري الإيطالي حول الغاز الذي تعزز بفعل أزمة الغاز في أوروبا خريف 2023 بعد العقوبات على روسيا ومشاكل إمدادات الغاز، قد يكون له مفعول ارتدادي على المفاوضات للانضمام إلى “البركيس” على اعتباره اتفاقا خارج المجموعة، وهو أمر قد لا يساعد الجزائر في أن تكون طرفا قويا في هذه المجموعة ويمكن أن تكتفي في أقصى الحالات بموقع الملاحظ”.
أما بخصوص تونس، فقد اعتبر “أن الوضع مختلف تماما، خاصة وأن بلادنا تمر بصعوبات اقتصادية جمّة، مما يجعل تونس بلدا غير فعّال ضمن نظام مجموعة “البريكس”. كما أن هذه المجموعة الوليدة غير قادرة خاصة على مستوى نظام الإقتراض على تقديم الكثير لتونس إلا إذا كانت لديها رؤية بشأن موقع تونس الجيوستراتيجي ضمن الخارطة العالمية للتحالفات العالمية المتنامية خاصة وأنها تبقى بالفعل بوابة للاستثمار في إفريقيا”.
وأشار شكندالي إلى أنه في حال خيّرت تونس ولوج هذا الطريق فإنها “ستحتاج إلى عقد شراكات شاملة مع مجموعة “البريكس”، تتجاوز هذا الإطار الضيق الذي يجعل من تونس وعاء لتسويق المنتجات الصينية، وهي منتجات غالبا ما نجدها بكثرة في الأسواق الموازية. وتتجاوز هذه الشراكات المبادلات التجارية لتشمل الاستثمارات الصينية والروسية والهندية حتى تنمي هذه الاستثمارات صادرات تونس نحو المجموعة وتحول هذا العجز المتنامي إلى فائض تجاري يقلص الحاجة إلى التداين الخارجي، فالعلاقات التجارية الحالية مع مجموعة “البريكس” فاقمت العجز التجاري ودفعت البلاد إلى مزيد التداين الخارجي”.
ويشار إلى أن مجموعة “بريكس” تشكل اليوم 42 بالمائة من سكان العالم وتمتلك قوة بشرية قوامها 3.2 مليار شخص وتستحوذ، أيضا، على حوالي 25 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
واعتمادا على الأرقام التي صدرت منذ ساعات حول التجارة الخارجية عن معهد الوطني للإحصاء والتي تغطي الربع الأول من العام الجاري، تمثل الصادرات التونسية نحو مجموعة “البريكس” مبلغا محتشما يقارب 371 مليون دينار من جملة 7ر15614 مليون دينار، ما يقارب 2.4 بالمائة، فقط، أغلبها نحو الهند والتي تستحوذ على حوالي 80 بالمائة.
وتمثل الواردات التونسية من هذه المجموعة ما يقارب 3809 مليون دينار من جملة 9ر19460 مليون دينار مسجلة خلال نفس الفترة، أي حوالي 19.6 بالمائة أغلبها من الصين، أهم أعضاء مجموعة “البريكس” اقتصاديا وبشريا بنسبة تقارب 52.2 بالمائة تليها روسيا بحصة 29.2 بالمائة.
ويحيل تحليل هذه الأرقام إلى مدى التبعية الاقتصادية الكبيرة لتونس لهذه المجموعة إذ أن العجز التجاري لتونس تجاه مجموعة “البريكس” يمثل تقريبا 89.4 بالمائة من مجموع العجز التجاري للبلاد التونسية، أي 3438 مليون دينار من جملة 3846.2 مليون دينار مسجلة خلال الثلاثي الأول من سنة 2023.
وأشار الشكندالي إلى أن في صورة فتح باب الشراكات الاقتصادية لتونس، فإن “الملف يتسع لخارطة واسعة من العلاقات منها العالقة على غرار الأسواق المشتركة الثنائية أو الإقليمية ومنها المجمّدة على غرار اتحاد المغرب العربي ومنها المستمرة على غرار الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والعلاقات الاقتصادية مع دول غربية مثل الولايات المتحدة الامريكية ومع مراكز التمويل الدولية والصناديق المانحة”.
وبناء على المعطيات التي جاءت بها نتائج التجارة الخارجية لتونس خلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2023، اعتبر الشكندالي أنه “يبقى من مصلحة تونس تقوية علاقاتها التجارية مع الدول التي تسجل معها فائضا على غرار السوق الأوروبية، والتي توفر لتونس عائدات بالعملة الصعبة تغذي خزائن البنك المركزي إلى جانب تجنيب البلاد توفير موارد بالعملة الصعبة لتوريد منتوجات مصنوعة في الصين والحال أن تونس تسجل أكبر عجز تجاري لها مع الصين العضو البارز ضمن “البريكس””.
وأشار إلى أن “تمتين العلاقات التجارية القائمة، والذي يمنح تونس الأفضلية على مستوى الميزان التجاري، يجنّب البلاد المزيد من الاقتراض الخارجي، وهو أفضل بكثير من المراهنة على التوجه نحو بلدان تسجل معها عجزا ماليا متواصلا أفضى إلى إدخال البلاد بشكل مستمر ضمن حلقة مفرغة من التداين والتبعية خاصة إذا ما نظرنا إلى حقيقة أننا نقترض من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي من أجل تغطية العجز المسجل مع الصين وروسيا”.
وأضاف “الأدهى في معادلة الانضمام إلى “البريكس”أن أعضائها لا يملكون سوى 15 بالمائة من حقوق التصويت في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وإن توسعت الكتلة الاقتصادية واستقطبت أنظار الاقتصادات الناشئة وزاد نفوذها خلال السنوات المقبلة على مستوى هيئات الحوكمة العالمية، فإن انضمام تونس إليها لا يمكن أن يكون، بأيّ حال من الأحوال، بديلا لصندوق النقد الدولي أو البنك الدولي وإنما قد يقوّي حظوظها للحصول على موافقة هذه الهيئات الدولية عندما تتوجه لها بطلب الدعم.
وأوضح الشكندالي أن “البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية يعد أحد أهم الأذرع الاستثمارية لمجموعة “البريكس”، وقد انضمت إليه تونس سنة 2022 لكن اللافت خلال هذه الأيام هو أن وزير الاقتصاد والتخطيط، سمير سعيد، التقى رئيس البنك، جين ليكن، على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي ومجموعو البنك الدولي. وبحث الطرفان مستقل التعاون في قطاعات عديدة من بينها الطاقات المتجددة وتحلية مياه البحر وغيرها، وهذا يقودني إلى التأكيد بأنّ البنك يقدم خدمات تنموية ويدعم مشاريع ولا يقدم تمويلات مباشرة على شاكلة صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي وأن المشاريع التعاون تأخذ عدة أشكال من بينها الشراكة بين القطاعين العام والخاص وهذا أمر مهم في السياسة التنموية لكن لن يقدم حلولا على مستوى التمويلات المباشرة للميزانية”.
وأشار إلى أن “التعاون المالي مع هذه الجهات قد لا يكون بالعملات الصعبة الاعتيادية، الدولار أو اليورو حتى لا تسهم هذه البلدان في تقويتهما، بل ربما يتم بالعملة الصينية “اليوان” أو الروسية “الروبل،” وهي عملات لا يمكن استعمالها لتسديد خدمة الدين لأنها تسدد بالدولار أو باليورو”.
وأكد في المقابل أن “تونس قد تجني فوائد عدة من جراء انضمامها إلى البنك الآسوي للاستثمار في البنية التحتية، إذ قد يتيح لها فرصا للحصول على تمويلات للمشاريع، خاصة في ظل ما يعرف بطريق الحرير والذي يعتمد بنى تحيتة متعددة سواء للنقل البري أو البحري أو الجوي وهو ما يتيح لتونس الاستفادة منه على سبيل الذكر لا الحصر على مستوى مشروع ميناء النفيضة المعطّل منذ عدة سنوات”.
Written by: Asma Mouaddeb